«اقتل الصالح من غير الإسرائيليين... وحرام على اليهودي أن ينجي أحداً - من باقي الأمم- من الهلاك.. أو يخرجه من حفرة يقع فيها.. لأنه بذلك يكون قد حفظ أحد الوثنيين»...
هذا جانب مما جاء في تلمود اليهود عن الأغيار.. أي غير اليهود! فهم أعداء لكل الأمم والملل والنحل! هذا هو أساس «الدولة اليهودية» التي كثر الحديث عنها مؤخراً، وأصبحت شرطاً من شروط ما يسمى محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية.. أو بالأحرى أصبحت سيفاً تسلطه «إسرائيل» وأميركا على رقاب العباد من العرب والفلسطينيين خاصة، والحقيقة والواقع يؤكدان أن «إسرائيل» بالفعل دولة عنصرية.. بل تكاد تكون هي الوحيدة والمتفردة في العالم بعد انتهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
إننا لا نكون مبالغين إطلاقاً عندما نقول إن عنصرية «إسرائيل» تفوقت على كل العنصريات الأخرى.. لماذا؟ لأنها بالأساس تقوم على أساس الدين، وليس الجنس أو العرق أو اللون.. كما حدث لأمم أخرى تراجعت عن عنصريتها أو عادت إلى رشدها عن قناعة.
فالديانة اليهودية.. وبغض النظر عن التحريف الذي أضافه الأحبار والحاخامات إليها هي جوهر وعماد «إسرائيل»... ودونها لن تستمر، الجميع في «إسرائيل» يدركون ذلك ويؤمنون به من علمانيين ومتدينين أو حتى أدعياء التديّن... أشكناز وسفارديم.. وبالتالي يجب ألا تَخدَعَ أحداً ألاعيب ما يسمى الصقور والحمائم، والمتشددين والمتساهلين.. الكل يهود، هدفهم واحد وإن تعددت الأشكال والأساليب المصطنعة - ادعاء بأن «إسرائيل» واحة ديمقراطية وبستان الحرية في المنطقة كما يروج المؤيدون لها في أميركا والغرب بشكل عام.
إن «إسرائيل» تؤكد للعرب وللعالم أن جوهر صراعها مع العرب والمسلمين عامة ديني رغم أن العرب والمسلمين يرون غير ذلك، ويعملون على نفي الطابع الديني عن هذا الصراع ونزعه من أيدي الصهاينة، ولكن الطرف الآخر أي «إسرائيل» متمسك بذلك وتعتبر العرب والمسلمين أعداءها الذين يستحقون القتل والسحل والتدمير، حدث ذلك ولا يزال مستمراً ويتكرر مع الزمن!
وعندما تؤكد «إسرائيل» أنها «دولة يهودية» وتطالب العرب والعالم بالاعتراف بذلك فهدفها الواضح والمؤكد: هو إبعاد العرب وتصفيتهم من أرض فلسطين التاريخية الواقعة داخل الخط الأخضر والتي عاشوا فيها منذ آلاف السنين، ولم يخف ساسة اليهود وأحبارهم هدفهم هذا لتصبح «إسرائيل» يهودية خالصة لا وجود لعربي فيها.
ولاشك في أن الاستيطان الإسرائيلي الذي ينشط في هذه الأيام رغم المحادثات غير المباشرة ثم المباشرة يلتهم الأرض يوماً بعد يوم وعاماً بعد الآخر، بحيث لا يبقى مجال لإقامة الدولة الفلسطينية عليها.
ف«إسرائيل» قامت كما هو معروف على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي طردته من أرضه كما قامت الولايات المتحدة على أطلال الهنود الحمر! إنه توافق فكري وايديولوجي غريب بين قيام الولايات المتحدة و«إسرائيل» توافق فريد من نوعه يقوم على إباحة قتل وإفناء الآخرين وتهجيرهم عن طريق القوة.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هو الآتي: لماذا تطلب «إسرائيل» وتلح هذه الأيام على مطلب الاعتراف «بالدولة اليهودية» وتعتبره شرطاً من شروط السلام؟!
هناك عدة أسباب منها:
- اعتقاد حكام «إسرائيل» بأن العرب يعيشون حالة من الضعف والتفكك لم يعيشوها من قبل، ولهذا فإن الوقت مناسب ومثالي لفرض المزيد من الشروط عليهم، فهذا التمزق والضعف والهوان العربي واللامبالاة، كل ذلك يشكل فرصة ذهبية لها لإعلان يهوديتها العنصرية من جهة ولتصفية كل مظاهر القوة والتميز لدى دول المنطقة من جهة أخرى لتبقى هي وبمساعدة حلفائها السيد الأقوى وتسيطر في المنطقة تعمل على تنفيذ مخططاتها وتحمي مصالح حلفائها في الغرب، متجاهلة في ذلك الحقائق الجديدة التي ظهرت على أرض الواقع وفي مقدمتها أنها - أي «إسرائيل» - لم تعد الدولة الأقوى في المنطقة، رغم كل مظاهر القوة التقليدية التي تتمتع بها ورغم وجود السلاح النووي والكيماوي فيها، ورغم دعم الحلفاء في الغرب لها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية عسكرياً وسياسياً ومادياً، بل هي تحتاج إلى حماية وهي أضعف اليوم بكثير من الأمس، وحربها على لبنان في تموز 2006 وحربها ضد قطاع غزة أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009 خير شاهد على ذلك وبالتأكيد ستكون أضعف في الغد، وخاصة أن سياسة القمع والاضطهاد والقتل التي تتبعها تساعد على تربية أجيال جديدة أشد رغبة في مواجهتها والقضاء عليها مهما طال الزمن.
- إن «إسرائيل» بمطالبتها بيهوديتها العنصرية تحاول استغلال التحولات في مواقف بعض الأطراف الدولية التي تغيرت حساباتها وأصبحت تفضل مصالحها الخاصة على التزاماتها الأيديولوجية أو السياسية، وبالتالي حصل في مواقف بعض هذه الأطراف تراجع قليل عن مواقفها التقليدية المؤيدة للحقوق العربية بقوة.. وعلى سبيل المثال أصبح موقف الصين غير مفهوم بشأن القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، ثم قيام روسيا بتوقيع اتفاق عسكري مع «إسرائيل» والإحجام عن تنفيذ صفقات السلاح لإيران.
وهنا نشير إلى أن هذه التحولات في مواقف بعض القوى والأطراف الدولية جاءت حصيلة لنشاط إسرائيلي يعتمد على لغة المصالح مقابل حالة تمزق عربية وجمود وتراخ في التحرك باتجاه هذه القوى الدولية الأمر الذي أغرى الجميع لاستغلال هذا الوضع العربي المتردي.
والآن نعود إلى العنصرية الصهيونية لنرى ولنعدد بعض أشكالها ومظاهرها.
يقول الرئيس الأميركي الأسبق «كارتر» في كتابه بعنوان (فلسطين سلام.. لا تفرقة عنصرية): إن التفرقة العنصرية التي يمارسها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين أسوأ من تلك التي شهدها السود في جنوب إفريقيا.. و«إسرائيل» تمارس العنصرية في كل المجالات.. حتى الطرق والبنى التحتية وفصل الضفة عن القطاع.. وفصلهما معاً عن باقي «إسرائيل».. و«إسرائيل» تمارس الإرهاب الفكري بإشهار سلاح معاداة السامية أمام الجميع أو تستعمل أساليب المحاكمة والفصل من العمل والإعدام المعنوي والسياسي والاقتصادي إضافة للقتل البدني!
والعنصرية اليهودية درجات حتى بين اليهود أنفسهم سفارديم شرقيين، وأشكناز غربيين، ولدرجة رفض الاختلاط في المدارس فيما بينهم.
هذه هي بعض مظاهر العنصرية البغيضة في «إسرائيل» التي تطالب بيهوديتها.