موجة جديدة من وباء العنصرية تجتاح الكيان الصهيوني، عنوانها فتاوى ينخرط فيها حاخامات (إسرائيل) الذين تفوقوا في الحقد على الهرب من جنرالاتها وسياسييها، وباتوا يحرضون على قتلهم وتهجيرهم.
هذا الوباء ماض في نهجه المعتمد منذ زمن العصابات الصهيونية ما قبل الاحتلال لفلسطين، وإنشاء الكيان الصهيوني العنصري فوق ترابها، دون أي تغيير أو تبديل، لأن الهدف واحد، ألا وهو السيطرة على كل فلسطين وطرد أصحابها الشرعيين تنفيذاً لمخطط«الدولة اليهودية» الخالصة.
آخر فتاوى هؤلاء العنصريين كانت المساواة مع محبي(إسرائيل) وطرد كارهيها.
سبق هذه الفتوى واحدة تنص على عدم التعامل مع العرب أو بيعهم أرضاً أو تأجيرهم منزلاً.
وكتب 300 حاخام من الذين وقعوا على هذه الفتوى في بيان « التوراة تحرم بيع غريب منزلاً أو حقلاً من أراضي«إسرائيل» إلى غريب».
وتابع البيان« إن من يبيع أو يؤجر شقة« لغير اليهودي» في حي يقطنه يهود يلحق ضرراً كبيراً بجيرانه لأن نمط حياة«غير اليهود» يختلف عن اليهود، ولأنهم يضطهدوننا ويتدخلون في شؤوننا حسب زعمهم، لا العكس.
إن هذه الفتوى العنصرية اليهودية لا تختلف في عمقها وجوهرها عن مجموعة الفتاوى التي يصدرها الحاخامات في (إسرائيل) والآخر على مدى ستين عاماً والتي يكشفون فيها ما يمارسونه من أدوار بالغة التأثير في ترسيخ العقلية الصهيونية العنصرية وتوجيه السياسة الإسرائيلية نحو تحقيق المزاعم التوراتية التي تتعارض وتتنافى كلياً مع القيم الدينية الصحيحة التي تدعو إلى الرحمة والحق والعدل والسلام واحترام الكرامة الإنسانية.
غير أن العنصرية في «إسرائيل» تحظى أكثر فأكثر بمباركة أعلى المستويات والقطاعات الأكثر نفوذاً في المؤسسة الدينية، ودليلنا على ذلك أن من بين الموقعين على الفتوى العنصرية التي تحرم بيع وتأجير المنازل لغير اليهود، شلومو أفنير الزعيم الروحي للمعسكر القومي- الديني في«إسرائيل» ويوسف الياشيف، أحد كبار الحاخامات المتشددين، وأفيغدور نيفانتزال، حاخام المدينة القديمة في القدس.
كما ردد أصداء الفتوى عوفيديا يوسف، وهو حاخام أكبر سابق في «إسرائيل» والزعيم الروحي لحزب« شاس» العنصري، وهو حزب ديني وسياسي مهم يشارك في حكومة الإرهابي بنيامين نتنياهو.
وقد قال يوسف مؤخراً:« إن البيع إلى غير اليهود، حتى مقابل الكثير من المال، غير مسموح به، ونحن لن ندع غير اليهود يسيطرون علينا هنا» فالأغيار حسب عوفيديا يوسف ولدوا فقط لخدمة اليهود.
تحت عنوان«حاخامات عنصريون» كتب الصحفي البريطاني جوناثان كوك مقالاً نشره على موقع «فلسطين كرونيكل» يقول فيه:« يستخدم الحاخامات اللاهوت من أجل تأييد التمييز العرقي الذي يطبق على نطاق أوسع في إسرائيل.
ففي الصيف الفائت نشر يوسف اليتزور و اسحق شابيرا اللذان يديران معهداً دينيا نافذاً في مستوطنة يتزهار في الضفة الغربية، كتاباً بعنوان«توراة الملك» يقع في 230 صفحة، وهو عبارة عن دليل يشرح كيف يجب على اليهود أن يعاملوا غير اليهود.
وقرر الحاخامان في كتابهما أن اليهود ملزمون بقتل أي شخص يشكل خطراً آنياً أو محتملاً على اليهود، وقالا ضمنياً إن جميع الفلسطينيين يجب أن يعتبروا، واستناداً إلى هذه الأسس، وعلى هذا برر الحاخامان قتل المدنيين.
يتابع جوناثان قائلاً: إنه في شهر تشرين الثاني الماضي، أيد الحاخام شابير، أيضاً استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية، وهذا يعتبر جريمة حرب وفقاً لميثاق جنيف الرابع.
واللافت للنظر، كما يقول جوناثان أن الحاخامات المعتدلين لم يدينوا إطلاقاً«توراة الملك» بل إن الكتاب استقبل بصمت بين الرأي العام وبتأييد حماسي من عدد من الزعماء الدينيين البارزين.
ويقول أريك أشرمان، رئيس منظمة«حاخامات من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل» إن التطرف المتعاظم للمؤسسة الدينية المتشددة في« إسرائيل» يعكس المناخ اليميني المتعاظم في «إسرائيل» وهو مناخ جعل التعبير عن مواقف قومية متطرفة أمراً مباحاً.
في كتابه« الاحتلال الإسرائيلي» يقول المؤلف نيف غوردون: «إن الحاخامات ليسوا سوى تعبير عن العاطفة السائدة في الكيان الصهيوني، فقد ظل أصحاب المنازل اليهود يرفضون على مدى سنوات تأجير المنازل والشقق للعرب.
ويضيف غوردون إن هذا ليس جديداً، ولكن الجديد هو الشعور بأن المرء يستطيع التعبير عن ذلك من دون خجل، وعندما يفقد المرء الخجل، يكون قد بلغ مرحلة في غاية الخطورة.
وقال غوردون : إن هذا التحول ليس مقصوراً على المجتمع الديني، مضيفاً أنه لا يجب أن لا نفهم أن هذه الفورة كأنها جزيرة معزولة، بل هي مرتبطة بقسم الولاء وغيره من التشريعات التي تنتظر إقرارها في الكنيست.
«إسرائيل» لم تغير سياساتها العنصرية والاستيطانية، فهي مازالت دولة الأبارتيد الوحيدة الباقية في العالم، دولة عنصرية عسكرية توسعية تقتل النساء والأطفال وتسرق البيوت بعد أن سرقت البلد بأكمله.