أثلج وزير الخارجية وليد المعلم صدور السوريين بتلوينه الصورة السورية مستقبلاً، لم يتكلم المعلم عن سنوات ولا شهور وإنما أسابيع كافية لكي تأخذ مشاريع القوانين (المحولة لمسار الدولة) طريقها نحو أفق ديمقراطي يحكمه القانون الذي يتساوى تحته الجميع.
ألوان المعلم التي سبق للرئيس بشار الأسد أن وضعها في إطارها العريض، كان يتوق السوري لسماعها، فلقد عذبتنا الفضائيات المحلية والخارجية، وجعلتنا في الفترة الأولى أسرى لونين متصارعين وبدا لوهلة وكأن سورية بلا أفق.
هذا الكلام الرافع للمعنويات يوسع الأفق السوري ويعزز الآمال بالمستقبل، ولكن لعل أبرز ما فيه هو أنه يقدم شكلاً لسورية بمواصفات قد لا تكون ذات ترحيب لدى الأنظمة العربية الأخرى، وهذا تناقض صارخ كما هي العادة عربياً، ولكنه شكل مطلوب سورياً على مستويي الشعب والدولة، لكونه يعزز وحدة الداخل وقوته كما يشكل مخرجاً وحيداً من الأزمة الحالية ذات المواصفات الأمنية والسياسية والاجتماعية.
ورغم أننا يجب ألا نحاصر الوزير بالمهلة التي افترضت في السؤال ونقلها في جوابه حين تحدث عن سورية ديمقراطية بعد ثلاثة أشهر يتساوى الجميع فيها تحت القانون وتسودها العدالة الاجتماعية، إلا أن السرعة التي تجري فيها وتيرة العمل الإصلاحي لاشك أنها توحي بأن مهلة كهذه قد تكون كافية لتموضع البلاد في خانة الدول التي تسير في طريق الديمقراطية السياسية. المعنويات يجب أن تبقى عالية إذاً، لذا لا بد من التذكير أننا ما زلنا بين أمواج الأزمة، فلا الربان يستطيع الراحة ولا على البحارة أن يطمئنوا تماماً، كل عليه واجب، من المشاركة في الاطلاع إلى إبداء الرأي فيما سيصبح التشريع المنظم للحياة السورية بجوانبها المختلفة إلى التطبيق لاحقاً. قد تنتهي معركة اليوم، لكن معارك أكبر تنتظرنا غداً، ولاسيما في طريق تعرفنا على جوانب الحياة الجديدة، وعوامل المنافسة التي ستنشأ والصراعات الشفهية التي ستحتل صفحات وشاشات وسائل الإعلام، والتي ستتكاثر وفق ما تشير المعطيات.
إننا ندخل طور التعقيد لا التبسيط، لكننا ندوس العتبات الأولى لمخارج النجاة باتجاه المستقبل الغامض إيجاباً، والتوجس ضروري، والحذر واجب، لكن التفاؤل أساسي والحماسة أيضاً.
ولأن هذه الروح المعنوية مطلوبة من أجل المستقبل، علينا أن نتوقع كسوريين معارضة وطنية أم موالاة راسخة وما بينهما أن تجري محاولات كسر هذه الروح بشكل أو بآخر.
ولا نستغرب أن يكون كل يوم جمعة هو محاولة بهذه الغاية، ودوماً، كلازمة، نستثني من يخرج تعبيراً عن رأي تحت سقف التطرف، شريطة ألا يدوس على «رأي» الآخرين.
المستقبل كما هو دوماً موجود وينتظر، لكن علينا السير بالروح التي تستطيع أن تبني سلماً باتجاهه.