هناك أسئلة مشروعة مطروحة على المواطن العربي ترتبط الإجابة عنها بالموقف من إسرائيل ومن المشاريع الأميركية في بلادنا، فلماذا يبرر السياسيون اللبنانيون الوطنيون دعمهم للثورات العربية ثم يرفضون أي تحركات شعبية معارضة للنظام في سورية؟
ولماذا يحرص سعد الحريري وموظفوه في الإعلام على دعم أنظمة عربية قتلت مواطنيها مثل البحرين والسعودية ومصر حسني مبارك، ولماذا في الوقت عينه يزعم سعد حبه للثورة ولكن في سورية لا في السعودية ولا في البحرين ولا في مصر؟
ولماذا يمول سعد الحريري - كوسيط للأميركيين- ويدعم إعلامياً ولوجستياً قادة فاسدين هاربين من سورية، ولماذا يمول الحريري ومن معه – بأوامر أميركية- أرباب الفكر التكفيري في سورية الحالمين كما حلم الزرقاوي في العراق بالفتنة الطائفية؟
وعلى الطرف اللبناني المقابل.. لماذا يبارك الأمين العام لحزب اللـه السيد حسن نصر اللـه انتصار الثورات في مصر وتونس ولا يبارك إعلامه بل يرفض ويخون كل من يدعو إلى ثورة شعبية في سورية؟
وكيف تحتفل حركة الإخوان المسلمين في فلسطين ممثلة بحركة حماس بانتصار الثورة المصرية وإعلامها وشخصياتها وترفض أي مس بالاستقرار وبالنظام في سورية ولو بكلمة أو بانتقاد؟
ولماذا يعتبر تكفيريون قتلوا المدنيين في سورية باسم المسلمين في الثمانينيات بأن النظام السوري يستحق الثورة عليه على حين تصر حركة الإخوان المسلمين في مصر وهي الحركة الأم على تسمية الرئيس السوري بحامي المقاومة الإسلامية والعربية؟
الرافضون لتحركات تعادي النظام في سورية ينطلقون من فكرة تحاول أن تؤكد الشك بأن الأميركي والإسرائيلي لا يستسلم لثورة هنا ولا يركن إلى هزيمة هناك، بل هو يحاول دوما اختراق ضعفه في منطقتنا بالفتنة، وهو يحاول استبدال هزيمته في مصر بهزيمة لمحور المقاومة سورية.
مرحلة ما بعد الثورة في مصر تبدو لافتة للناظر إلى مكوناتها، فهل من منطق في لجوء الثوار الليبيين إلى السلاح بعد إسقاطهم نصف البلاد بالهتاف ومحاصرتهم بالتحركات السلمية للقذافي في مربعه الأخير في قلعته وسط طرابلس؟ وهل كان ذاك قرار الثوار المستقل؟أم قرار القائد العسكري المنشق صاحب المكالمة الهاتفية الشهيرة مع سفير أميركا في ليبيا؟
وهل من منطق لبروز سلفية مصرية تقتل المسيحيين وتهدم كنيستهم وتخوض معهم اشتباكات مسلحة؟
المخططون الأميركيون يحاولون في هذه المرحلة الحافلة بالتطورات أن يتمثلوا قول هارون الرشيد للغيم محرفاً:
«اذهبي أيتها الثورات حيث تشائين، فإن خراجك قادم إلينا»
وعلى الثائرين العرب أن يعملوا بجدية ومثابرة على مقاومة لذة الاستسلام للنصر السهل فما يتلو الانتصار أصعب وأشد مرارة ويحتاج لنضال معقد وصولا إلى بناء أنظمة ما بعد الثورة ومروراً بإصلاح يحتاج لثورة لإصلاحه وتنظيمه وترتيب أوضاعه.
وفي عودة لبعض أدوات الأميركيين في منطقتنا، نسأل عن سخافة حزب تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري في تبني الدعوات الثورية أو التخريبية – في سورية!!
ذاك الحزب الداعي إلى التغيير الديمقراطي في سورية وطبعاً في إيران وفي فنزويلا إن أمكن، يمثل ترؤس سعد الحريري له قمة العهر الديمقراطي، وهو الذي حصل على الزعامة بسبب الوراثة عن أبيه غصباً عن أخيه الأكبر بهاء نتيجة لدعم الأميركيين لسعد لا لبهاء.
سعد هذا وخلافاً لشائعات تمتعه بأي مؤهلات وطنية أو ولاء للبنان أو للسعودية، فإن وراثته لأبيه وخيانته لأخيه حصلت لأنه ليس أهلا للزعامة فلا يحتاج الأميركي في لبنان لزعيم لبث الفتنة، ولابتداع الأسباب الغرائزية المؤدية إلى المجازر الطائفية يحتاج الأميركي لسفيه يدار من سفهاء أكثر إجراماً منه بقليل.
ولا يغرنكم في سعد هذا مؤهلاته في الخطابة وبلاغته في العربية الفصحى، فإن للرجل قدرات في مجال واحد هو الاختلاس وسرقة الأموال العامة والاستيلاء على أموال مشاريع يؤتمن عليها فينسبها لنفسه دون أن يقوم بما يجعله يستحق جزءا منها، وفضائح شركاته في السعودية شاهدة عليه إن لم تكن فضائحه في لبنان كافية للأعمى لكي يبصر ولا يغرنكم في سعد مظهره العصري، فتاريخه يضم ألبوم صور «دموياً وغير مشرف» لا تخرج عنه صور شهداء كان شريكاً بقتلهم بالرضى وبالسياسة وبالتآمر في حرب إسرائيل على لبنان 2006، وجرائمه بالتحريض يحتويها ألبوم صور ضحايا حزبه من العمال السوريين الذين قتلهم أنصاره في بيروت وفي عكار وفي طرابلس وفي إقليم الخروب وفي صيدا لقرينة جرمية هي حملهم للجنسية السورية، على الرغم من أن أغلبية الضحايا هم في الميزان الطائفي اللبناني من مذهب يزعم الحريري أنه وأنصاره ينتمون إليه.
ما الذي يملكه سعد الحريري من تاريخ أو مؤهلات تجعله مصدر وحي وتمويل لحملات التحريض على الاحتجاجات الشعبية في سورية؟هل لسعد الحريري هذا تاريخ قومي مشرف يجعله أهلاً لتقرير الأنسب لسورية وشعبها.
للشعب السوري قبل النظام عداء جذري مع المشروع الصهيوني والأميركي، وللشعب السوري قبل النظام علاقة تعاطف وأهداف مقدسة مشتركة مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية فهل مواقف سعد من إسرائيل وأميركا مماثلة ومتطابقة مع توجهات ومواقف الشعب السوري؟
الشعب السوري قبل نظامه وقف مع المقاومة اللبنانية وهو (سعد) خانها (المقاومة في لبنان) ودعا لمحاسبة القائمين عليها أثناء تصديها لغزو إسرائيل في صيف 2006، أما الشعب السوري فقاسمها رغيف الخبز واحتضن أطفال وأمهات المقاومين وأغاثهم.وسعد هذا يتآمر علنا على المقاومة الفلسطينية وهو في حرب غزة خجل حتى من دعوة أنصاره لاستنكار المجازر الصهيونية هناك، في حين الشعب السوري خرج بالملايين متظاهراً لدعم المقاومة في غزة وفي عموم فلسطين.
الشعب السوري شعب حي، وهو قادر على أن ينجز ما يريد من تطوير في بلاده بقدراته وبشخصياته وهو لا يحتاج إلى فرد من قطيع كبار الفاسدين في العالم العربي من أمثال سعد الحريري وصهر بن علي وأبناء مبارك وأحمد عز وسيف القذافي الذين يتفوق سعد الحريري وأبوه عليهم جميعاً في الفساد وفي أساليب سرقة الأموال العامة وفي الاستيلاء على الأراضي التي تخص الدولة والشعب اللبناني فلا فاسد حياً أم ميتاً على هذا الكوكب سرق مدينة بأكملها ثم طمر بحرها ليحصل على مساحة تعادل مساحات ما استولى عليه من وسط بيروت برشوة النواب (استولى وتملك مدينة لبنانية بمرسوم من مجلس نواب مرتش تحصل على المدينة الثانية مجاناً).
حزب المستقبل يدعم الديمقراطية في سورية ويمول الدعوات إلى التظاهر من أجلها؟
يا للوقاحة ويا لسخرية الزمن...
رئيس حزب الحريري المسمى تيار المستقبل، هو سعد الحريري، وأمين عام الحزب هو ابن عمته أحمد الحريري، وشقيق الأخير «نادر» مستشار سعد الحريري الخاص في حزب المستقبل وفي رئاسة الحكومة، وممثلة حزب تيار المستقبل في البرلمان عن صيدا هي عمة العشيرة وعمة سعد الحريري النائب «بهية الحريري» ومحاسب الحريري السابق هو رئيس كتلته البرلمانية ومدير عام شركة من شركاته نائب في الكتلة ورفيقه في لعبة الأتاري نائب آخر في كتلته، ويقال إن مدلكه الخاص ومقلم أظافر قدميه «درويش» سيترشح عن بيروت في الانتخابات المقبلة، فهل هذه هي الديمقراطية التي يدعون الشعب السوري إلى مثلها؟
حزب المستقبل هذا الذي يعمل أجيرا عند الأميركيين منضو تحت سقف تجمع دولي هو «الاتحاد الدولي للأحزاب الليبرالية» الذي يضم أيضاً حزب بيتنا إسرائيل وحزب كاديما. وقد غاب الحزبان الإسرائيليان عن اجتماع بيروت التزاماً بأحكام المقاطعة العربية وقد عقد هذا الاتحاد أحد مؤتمراته العام قبل الماضي في فندق البريستول في العاصمة اللبنانية بدعوة من أحمد الحريري، فهل زمالة زعماء كاديما وبيتنا إسرائيل في المؤتمرات العالمية هو ما يحلم به الشعب السوري؟
كتب الشيخ يوسف غوش – بيروت