لم يتوقف الغرب عموماً ورؤوسه الاستعمارية الثلاثة (الولايات المتحدة الأميركية - فرنسا - بريطانياً) في أي يوم عبر التاريخ الحديث عن التفكير والتخطيط بآليات مختلفة للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط
التي تمتلك من الخصائص الجيوسياسية ما لا تمتلكه أي منطقة أخرى في العالم، ومن نصيب العرب أن حباهم الله سبحانه وتعالى مقدرات متنوعة تفوق ما منحه لبقية بقاع الأرض ، لذلك كله نجد أن هذا الثالوث الاستعماري يحاول بكل امكانياته فرض سياساته على مقدرات تلك المنطقة ومنع شعوبها من العمل على تنمية قدراتها منفردة أو مجتمعة .
ما يجري الآن في سورية لم يعد مؤامرة يعمل عليها في الخفاء ، بل أصبحت حرباً علنية موجهة يقوم بها أعداء سورية في الخارج البعيد والقريب لاسقاط سورية الدولة التي احتلت موقعاً محورياً في السياسة الدولية لم يعد بإمكان أي كان تجاهل هذا الدور ، سورية صاحبة القرار المستقل والرأي الحر المعبر عن مصالح الوطن العربي من محيطه إلى خليجه ،من خلال ما وصلت إليه الأمور في الدول العربية التي ركبت موجة التحركات الشعبية ومنعكساتها على الحياة العامة نستطيع القول بأن الديمقراطية التي أعطاها الربيع العربي حتى الآن افتراضية بكل ما للكلمة من معنى ، وقد لا تنتج ثماراً ناضجة بعد أن سرقت زهوتها دول المثلث الاستعماري السابقة الذكر وقامت بتوجيهها عبر أجندة الفوضى الخلاقة التي خططت لها إدارة المحافظين الجدد في عهد الرئيس بوش الابن ، من هنا لم نجد حرجاً في تسمية الأمور بمسمياتها الأساسية بعد أن انكشفت الأوراق وظهرت الأوضاع على حقيقتها.
من خلال متابعتنا لخطاب السيد الرئيس بشار الأسد في العشرين من الشهر الجاري على مدرج جامعة دمشق ، وما تضمنه من توصيف وشرح ، ومن خلال استقراءاتنا لردود الأفعال على الساحة السياسية ، يمكن القول بأن هذا الخطاب أسس لبناء الجمهورية الثالثة في سورية ووضع خطة عمل استراتيجية لمستقبل سورية الحضاري ،وكانت ردة الفعل الشعبية التي عبر عنها الشعب السوري في اليوم التالي للخطاب في كافة المحافظات والمناطق السورية ، حيث خرج بالملايين معبراً عن سعادته وشكره وتأييده لكل ما جاء في كلمة السيد الرئيس لا سيما وأنها عبرت عن خارطة طريق طموحة لقيام حزمة الإصلاحات المتكاملة في سورية خلال مدة لا تتجاوز الخمسة أشهر.
بكل تأكيد هنا لا تريد القنوات المغرضة التي يحركها الثالوث الاستعماري ومن يدور في فلكها في المنطقة مشاهدة هذه المسيرات المؤيدة وحجم الحشد الشعبي الذي يعتبر استفتاء حقيقياً على قيادة السيد الرئيس بشار الأسد لسورية الحديثة !
السؤال الذي نوجهه إلى أعدائنا في الغرب : ما هي الديمقراطية التي تروجون لها؟ هل هي ديمقراطية التخريب والفوضى أم ديمقراطية التكفير وإلغاء الآخر هل تتعاملون مع التمرد المسلح والخروج على القانون في بلدانكم على أنه ممارسة ديمقراطية؟
إن أي ديمقراطية لا تستند على المد الشعبي وأي ممارسة لا تعبر عن احترام رغبات الأغلبية العظمى من الشعب هي ابتعاد عن مفهوم الديمقراطية ، وهنا نؤكد بأن القوى الغربية والقنوات الفضائية المعادية لسورية هذه المرة وقعت في المقتل لأنها لم تتعلم من دروس الماضي ولا الحاضر وربما لن تتعلم في المستقبل بأن سورية عصية على الأعداء وهي مصانة بحماية الله أولاً وبإرادة شعبها التي غيرت الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، وبحكمة قائدها الذي استمد عوامل الصمود من وقوف شعبه خلفه وتأييده له بكل الخطوات الجريئة والشجاعة التي يقوم بها، وبقوة جيشها الباسل وتلاحمه وتفانيه في حماية أمن وحياة الشعب في سورية.
لا أريد أن أدخل في تحليل خطاب السيد الرئيس الذي أذهل العالم بثقته العالية بنفسه وبحنكته الصائبة في التعامل مع الأحداث ، لكن ما أريد أن أؤكد عليه في هذه العجالة هو أن الخطاب دخل كالبلسم على نفوس الشعب السوري ، وأجاب على كل الأسئلة التي تدور في الجلسات الخاصة والعامة وتشغل بال المواطن السوري، وأدخل الطمأنينة على حياة الشعب السوري الذي خرج مبايعاً ومعاهداً على حماية الوطن والدفاع عنه بكل الوسائل والسبل!