التجسس الإسرائيلي على الدول العربية ليس بالأمر الجديد أو الغريب، ويبدو أن إلقاء القبض على جاسوس جديد جنده الموساد في مصر للتجسس عليها وعلى دول عربية أخرى،
وقبل ذلك اكتشاف شبكات تجسس الواحدة بعد الأخرى في لبنان، كل ذلك يدل على أن إسرائيل لن تكف عن عمليات التجسس على الدول العربية حتى ولو عقدت معها معاهدات واتفاقيات سلام حتى إنها تتجسس على الولايات المتحدة الأميركية حاضنتها وحاميتها، إذاً هذا التجسس يمثل عملية طويلة لا تنتهي، وإذا صدق «جوليان أسانج» مؤسس موقع «ويكيليكس» فيما أعلن عنه حول عزمه على كشف برقيات سرية تتضمن معلومات عن عملاء للموساد داخل دول عربية حيث إن لديه ما يزيد على /3700/ وثيقة عن إسرائيل، الكثير منها يكشف عن عملاء للموساد في كثير من الدول ومنها دول عربية.
وهنا تجدر الإشارة إلى بعض المؤشرات المهمة حول هذا الموضوع، أي موضوع التجسس الإسرائيلي.
- بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 كلفت شبكة /تلفزيون فوكس/ الأميركية أحد محرريها المشهورين متابعة تحقيق يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد الأحداث المذكورة مع /60/ إسرائيلياً تم احتجازهم بعد اشتباه المكتب بأنهم عملاء للموساد كان لديهم علم بما سيقوم به الذين اختطفوا الطائرات وأنهم تتبعوهم من ألمانيا إلى الولايات المتحدة، واستأجروا شققاً تطل على الشقق التي سكنها القائمون بالهجمات، ثم صدرت أوامر مفاجئة من إدارة الرئيس السابق «بوش» بإطلاق سراحهم وترحيلهم فوراً إلى إسرائيل!
وقال المحرر في تقريره إن تحقيقاً أجرته وكالة فيدرالية أميركية اشتبهت في تنظيم إسرائيلي كان يمارس عمليات في نيويورك وميامي ولاس فيغاس وفي مصر، ويشتبه في قيامه بتهريب كوكائين ومعاملات مالية غير مشروعة
- أشارت مصادر أميركية موثوقة إلى أن منظمة اللوبي اليهودي «إيباك» تقوم بالتنسيق مع الموساد الإسرائيلي بإيفاد طلاب يهود أميركيين إلى مصر /جامعة القاهرة/ لدراسة اللغة العربية/ في الوقت الذي تكلفهم جمع المعلومات عن مصر والدول العربية الأخرى، بمعنى أن اهتمام هؤلاء الطلاب لا يقتصر على الدراسة، بل الأهم من ذلك هو جمع المعلومات لمصلحة إسرائيل.
- الجدير بالذكر أن تجسس إسرائيل على مصر لم ولن يتوقف، بل إنها مستمرة في التجسس على الولايات المتحدة أقرب أصدقائها إليها وسندها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً. وقد ذكر أكثر من مصدر مسؤول أنه تم اكتشاف أجهزة تنصت من عملاء دولة أجنبية داخل البيت الأبيض، حيث أكد مصدر حكومي أميركي فيما بعد أن هذه الدولة هي إسرائيل، وإن لم يعلن عن ذلك. ثم إن قصة «مونيكا لوينسكي» لم تكن بعيدة عن هذا النشاط التجسسي الإسرائيلي، حيث إن «مونيكا» يهودية، وأبوها من المرتبطين بالليكود، وكانت تذهب كل إجازة صيف إلى إسرائيل ضمن شباب يهودي يتلقى بعضهم تدريبات على يد الموساد.
- هذا ولا يزال حتى الآن الأميركي «جوناثان بولارد» داخل سجون الولايات المتحدة، والذي ألقي القبض عليه في الثمانينات وحكم عليه بالسجن المؤبد، بعد اكتشاف قيامه أثناء عمله في البحرية الأميركية كمحلل مدني للمخابرات بسرقة حوالي ألف وثيقة سرية وسلمها لإسرائيل التي باعت بعضها للصين. وخلال الأسبوع الماضي أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن / نتنياهو/ سيطلب من الرئيس الأميركي «أوباما» إطلاق سراح «بولارد»، الذي يعتبره نتنياهو بطلاً قومياً إسرائيلياً بعد منحه جنسية إسرائيلية عام 1995. ومن المعروف أن القضاء وأجهزة المخابرات الأميركية ترفض رفضاً شديداً إطلاق سراحه، نظراً لأن الوثائق التي سربها تضر بالأمن القومي الأميركي بشكل كبير.
- وما يلفت النظر في هذا المجال أنه عقب أحداث الحادي عشر من أيلول المعروفة أعد تقرير مخابراتي أميركي يدافع عن لجوء إسرائيل إلى التجسس، بالادعاء أن لديها شهوة طاغية للمعلومات بدافع من نزعة غريزية للبقاء، وكانت روايات عديدة تتردد في صحف وكتب أوروبية وأميركية حول ممارسة إسرائيل لهذه النزعة في الدول العربية تحت ستار العمل في شركات استثمارية ومشروعات متنوعة أخرى ومتعددة الأشكال.
- هذا ولم يعد سراً أن الموساد وعملاءه تدفقوا إلى العراق أثناء غزوه عام /2003/ تحت ستار العمل في مراكز أبحاث ومشاريع مقاولات، وخاصة ضمن شركات الخدمة العسكرية التي تعاقد معها البنتاغون الأميركي بأعداد كبيرة لغرض دعم الجانب القتالي وتأمين متطلبات الجيش الأميركي من خدمات متعددة. ولم يعد خافياً على أحد هجمات الموساد وعملائه على المتحف الوطني العراقي ونهب مقتنيات أثرية مهمة منه نقلت إلى إسرائيل.
- لقد أعلنت التحقيقات مع الجاسوس الإسرائيلي الذي ألقي القبض عليه في مصر عن قيامه بأعمال تضر بالأمن القومي المصري، وبأمن عدد من الدول العربية إلا أن هذه المعلومات هي مجرد حلقة في دائرة أوسع لنشاط الموساد في دول أخرى.
- أما عن التجسس على لبنان، فحدث ولا حرج، -كما يقال- حيث كشف كل من جهاز المقاومة الوطنية اللبنانية الأمني وأجهزة الجيش اللبناني عدة شبكات وأجهزة مزروعة في أنحاء متعددة من الأراضي اللبنانية فضلاً عن العديد من العملاء الذين باعوا أنفسهم لإسرائيل بقبولهم بالتجسس لمصلحتها.
وهنا لا بد من التذكير بـ «حريق القاهرة الشهير» الذي استهدف تدمير بعض المؤسسات الأجنبية وعدداً من الصروح الاقتصادية الكبيرة في مصر، على أن ينسب ذلك للمخابرات المصرية بينما هو كان من تدبير إسرائيل وتنفيذها.
وعلى ضوء ذلك كله لا يمكن استبعاد الاستهداف الصهيوني لمصر في موضوع تحريك الفتن الطائفية داخل مصر، بل من المؤكد أن لها ضلعاً في هذا الأمر.
وهكذا نخلص الى القول: إن التجسس الإسرائيلي على الدول العربية لم يتوقف منذ قيام الكيان الصهيوني وما خفي حتى الآن من هذا التجسس أكبر بكثير مما تم كشفه.