ماذا تفعل إذا أصيب ولدك بمشكلة نفسية سؤال بحاجة إلى إجابة فقد يتبادر إلى ذهن الكثير من الآباء والأمهات لدى ملاحظة أي سلوك غريب قد يبديه أطفالهم، فأحياناً يغضب الطفل غضباً شديداً دون، مبرر
بطريقة لا تتناسب والموقف أو يكذب أو يسرق أو يكون دائم التذمر والشكوى رافضا كل شيء المدرسة، الطعام، حزيناً، كئيباً وغيرها من السلوكيات التي تقلق الأهل وتكون مدعاة للخوف من تأثير هذه الحالة على نموه وصحته النفسية وتواصله الاجتماعي ومستواه الدراسي ومستقبله.
ونظرا لحساسية موضوع الحالة النفسية للطفل فقد دعت جمعية آباء وأبناء إلى محاضرة في ثقافي المزة حيث سلطت الدكتورة أمينة رزق رئيس قسم علم النفس بكلية التربية الضوء على الكثير من المشكلات النفسية المرافقة لمرحلة الطفولة المبكرة مروراً بالمتوسطة وصولاً إلى المتأخرة مع اقتراح لبعض الحلول لكيفية تلافي هذه المشكلات وحلها وصولاً إلى صحة نفسية حلم الآباء والأمهات لأبنائهم.
لكل مرحلة مشكلاتها
بداية لفتت د. رزق إلى أهمية التمييز بين المشكلة النمائية وبين النفسية حيث لكل مرحلة عمرية مشكلاتها المرافقة ومتطلباتها فالطفل يولد ولديه متطلبات عديدة فهو يريد أن يزحف وأن يتعلم المشي والكلام وكيفية ضبط الذات، وفي كل هذه العمليات هو بحاجة لمن يدعمه ويسانده ويرعاه وعندما يجد الاهتمام الكافي لتخطي هذه المرحلة وحل مشكلاتها النمائية فهو بذلك يتجاوز هذه المرحلة إلى التالية دون مشكلات نفسية أو سلوكية.
وعلى سبيل المثال فقد ذكرت د. رزق بعض الأمثلة على ذلك كسلوك الرفض الذي قد يبديه الطفل بعمر السنتين أو الثلاث سنوات ليس لشيء إلا لتأكيد الذات وتحقيق «الأنا» وكذلك مشكلة الكذب التي تظهر في سن الثلاث أو أربع سنوات والتي تعود إلى أن الخيال لديه ينمو بسرعة وبشكل أسرع من العمليات العقلية الأخرى كالتذكر والتفكير إضافة إلى أنه يعجز عن التمييز بين الواقع والخيال ويخلط بينهما، ولمعالجة هذه المشكلات على الأبوين الالمام بخصائص كل مرحلة يمر بها الطفل فهناك أزمات نمائية ومتطلبات ترافق كل مرحلة عمرية من الطفولة وحتى الشيخوخة.
كي لا تتحول إلى مشكلة سلوكية
ونوهت د. رزق أنه من الطبيعي وجود الأزمات النفسية، ولكن في حال لم نتعامل معها بشكل صحيح ومدروس فإنها ستتحول إلى مشكلة سلوكية قد يصعب حلها، ولذلك عدة معايير وشروط فعندما يتكرر السلوك أكثر من مرة وفي أكثر من ظرف ومكان وعلى مدى طويل من الوقت وكذلك شدة هذا السلوك واستمراريته فإن ذلك يشير إلى أن هناك مشكلة، فالغيرة مثلاً تختلف حسب العمر والجنس ووضع الأسرة وكيفية تعاملها مع الطفل لذلك ينبغي مراقبة سلوكه في أكثر من مكان وظرف والاستعانة بجماعة الأقران والمدرسين ومعرفة نتائجه التحصيلية التي يمكن أن تقدم مؤشرات على وجود أزمة نفسية بحاجة إلى حل.
كما يمكن اللجوء إلى الحوار مع الطفل ما أمكن ذلك وعلى الأسرة تقبل مبدأ الحوار وابداء الرأي وكذلك يمكن الاستعانة بالمرشدات الاجتماعيات بالاختصاصيين النفسيين إن استدعى الأمر.
التبول اللاإرادي.. أكثرها تكراراً
وعرضت د.رزق لدراسة قام بها طلاب الدراسات العليا في جامعة دمشق -كلية التربية عن المشكلات النفسية الأكثر شيوعاً في مرحلة رياض الأطفال فكانت مشكلة التبول اللاإرادي أكثر المشكلات تكراراً وأبرزها تلتها مشكلة مص الاصبع وقضم الأظافر ثم أتت الغيرة ثم التأتأة واضطرابات الكلام.
وقد يكون من الطبيعي وجود هذه المشكلات بهذا العمر والتي تقف وراءها أسباب نفسية أو عضوية وكذلك مشكلة مص الاصبع التي تعود إلى كثرة أحلام اليقظة وسرعة الخيال لدى الطفل، لذلك عندما يكون متوتراً يلجأ إلى هذه العادة حتى يفرغ انفعالاته فيصبح هناك اقتران بين مص الاصبع والراحة النفسية التي ترافقها وكل هذه المشكلات التي تلفت نظر الأهل يمكن معالجتها فالغيرة مثلاً رافقت جميع المراحل العمرية وذلك بحسب الدراسة ولكن آلية التعامل معها تختلف حسب المرحلة العمرية وكذلك كل المشكلات النفسية.
الطفولة المتوسطة.. اضطرابات انفعالية
وبحسب الدراسة التي تناولت أيضاً مرحلة الطفولة المتوسطة فعلى الأغلب قد تستمر بعض المشكلات من الطفولة المبكرة إلى الطفولة المتوسطة، ولكن آلية التعبير عنها تختلف وكذلك تظهر في هذه المرحلة مشكلة الغياب والتأخر عن المدرسة بسبب ظاهرة التمارض ومعظم الأطفال في هذه المرحلة لديهم اضطرابات انفعالية كالخوف والحب والمرض كما يبدأ بالظهور تأنيب الضمير والقيم الدينية والروحية كما تبدأ بؤرة الخوف تنطلق من الداخل.
كما تتصف الانفعالات لديه بالتلون بفترة قصيرة فيتذبذب بين الحب والكره والنفور ولا يستمر بانفعال واحد ايجاباً أم سلباً لوقت طويل كما يمكن أن تظهر في هذه المرحلة مشكلة السرقة حتى لو بدون هدف إلا في محاولة للفت الانتباه.
الطفولة المتأخرة. التأخر الدراسي
وعرضت د. رزق للرصد الذي تناول مرحلة الطفولة المتأخرة حيث تبين أن أبرز المشكلات هي التأخر الدراسي بسبب التغيرات الفيزيولوجية التي ترافق هذه المرحلة وكذلك تظهر مشكلة الخوف وضعف الثقة بالنفس لأن ذات المراهق بدأت بالتكون كما يظهر الخوف من الجنس الآخر وقد يميل بعضهم إلى الجنوح في هذه المرحلة ويظهرون ميلاً متطرفاً إلى العدوان حتى لو يدافع عن نفسه فهو يتصرف بعدوانية وعنف ويميل البعض إلى الأذى وإحداث الفتن ومن خلال الرصد على طلاب من مختلف المراحل تبين وجود مشكلة الأرق واضطرابات النوم أو الافراط في النوم حيث يعتبر ذلك وسيلة دفاعية أمام بعض المشكلات التي يعاني منها البعض في بعض المراحل إضافة إلى مشكلة الكوابيس أو الكلام أثناء النوم، وكذلك يمكن أن تظهر مشكلة التعلق ليس دائماً بالأم بل سعياً وراء ارضاء الحاجة إلى الاثارة الاجتماعية ثم تأتي مشكلات المراهقة منها الصحية والاقتصادية والأسرية والمدرسية والجنسية والأخلاقية والقيمية.