انطلاقاً من أن المراهقة مرحلة صعبة في حياة الشباب، وينشأ الصراع لدى المراهق من التغيرات البيولوجية، التي تطرأ عليه تاركة آثاراً نفسية ومعنوية، وتؤدي لجعل المهارات الحركية عنده غير دقيقة،
كما تعتريه حالات من اليأس والحزن والألم التي لا يعرف لها سبباً، ويبدأ لديه الميل بالتحرر من سلطة الوالدين ليحقق الاستقلالية والاعتماد على النفس، وذلك في وقت لا يستطيع فيه الابتعاد عن أسرته التي تشكل بالنسبة له مصدر الأمان والطمأنينة.
إذاً انطلاقاً من ذلك غدت البرامج التلفزيونية حاجة ماسة لتوجيه الشباب، نحو الطريق الصحيح الذي يضمن لهم حياة سعيدة، بعيدة عن حالات التوتر والضيق، والعصبية وعدم تلبية الحاجات التي يواجهونها من الأهل، نتيجة عدم إحاطتهم بصعوبات هذه المرحلة رغم مرورهم بها. برنامج خط أحمر على قناة الفضائية السورية، ناقش هذا الأمر مع اختصاصيين في علم الاجتماع، والنفس والطب البشري، خلال حلقة بعنوان «المراهقة».. مشكلة أم مرحلة» وأصابوا كبد الحقيقة من خلال تسليطهم الضوء على مخاطر الموضوع، إذا لم نأخذه على محمل الجد ونقف عند كل كبيرة وصغيرة للوصول إلى مصالحة حقيقية مع الأبناء، مبتعدين بهم إلى بر الأمان من خلال تثقيفهم وتوعيتهم، وإشراكهم بحياتنا وتحميلهم المسؤوليات وعدم توجيه الكلمات التي تجرح مشاعرهم أمام الآخرين، وجعلهم لنا أصدقاء بالمعنى الصحيح للكلمة وليس مجرد كلام لا يجدي نفعاً، وكأننا نحوّل حيواتهم إلى مدرسة ومحاضرات، يتلقون فيها فقط دون أن يؤثروا أو يتفاعلوا مع المحيط، وتشجيع النشاط الترويحي الموجه والقيام بالرحلات والاشتراك في المناشط والأندية، ودون أن ننسى ضرورة الابتعاد أيضاً عن الازدواجية في التعامل فيما بينهم وأمامهم كأن نقول شيئاً ونفعل ضده، أو نقوم بممارسات خاطئة لأنهم سيجدون أنفسهم مقلدين لا محال. فالتحولات الهرمونية والتغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة، تؤثر بشكل قوي على الصورة الذاتية والمزاج والعلاقات الاجتماعية، وتكون عبارة عن مزيج من الشعور بالمفاجأة والخوف والانزعاج، بل والابتهاج أحياناً، لذا أكد ضيوف الحلقة على ضرورة اطلاع الأهل بين الحين والآخر على أجساد أبنائهم، ومتابعتهم وسؤالهم ووضعهم بصورة التغيرات قبل حدوثها، وهذا يختصر الطريق إلى النصف ويساعدهم في حل أي مشكلة نفسية أو مرضية قد تواجههم، وذلك يجعلهم متوافقين بين الحاجة إلى الاستقلال والتحرر، والحاجة إلى الاعتماد على الوالدين، بدل أن تنأى تلك التحولات بالمراهق خارج المجتمع و خلخلة التوازن النفسي له ما يزيد من حدة هذه المرحلة ،مشكلاتها. ونوّه الضيوف أيضاً بدور الأم بتقريب الأولاد من الأب، ودورها بإزالة الحواجز التي ترتفع بين الحين والآخر بينهم، وتضييق الفجوة التي تتسع بسبب التهديد به دائماً، ولكن مع ضرورة المحافظة على هيبته ودوره الذي لاغنى للأم أو للأولاد عنه.
لكن الضيوف ورغم النصائح والإرشادات التي زودونا بها كمستمعين جعلوا الحديث أمام هؤلاء الشباب بإشراكهم بحضور البرنامج دون أن يستضيفوا معهم أحد الوالدين لسماع شكواهم ومعاناتهم والأسباب التي تبعدهم عن المنزل والبحث عن الصديق خارجه، مع أن هنالك نسبة كبيرة من الأهل الذين يجهدون دائماً لإرضاء أولادهم ولا يتركون أسلوباً أو طريقة إلا ويستخدمونها لكن لا آذان لمن تنادي وذلك لأسباب كثيرة تتعلق بالمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية المحيطة ومحاكاة الآخرين.
بالمقابل هنالك نسبة لا بأس بها من الأهل الذين دائماً يعارضون الأولاد، غير مكترثين بحاجاتهم ومطالبهم وأولوياتهم والتقليل من شأنهم، ويصل الأمر بهم إلى القمع، ما يجعل هؤلاء الأولاد يبحثون عن صدر آمن خارج منزلهم يتمثل بالأصدقاء أو المقربين.
إذاً كان من الأجدى حضور الجيلين ليسمع هؤلاء الرأي والرأي الآخر، وأن يكون البرنامج ممتدا على أكثر من حلقة، ولا بأس إذا تم إشراك الجمهور فيه، إما بالاتصالات أو الريبورتاجات المعدة مسبقاً، لإفساح المجال أمام الكثيرين للتعبير عن أرائهم ومعاناتهم ومشكلاتهم، وحتى سماع بعض القصص التي يمكن أن يستفيد منها الشباب لعدم الوقوع بالأخطاء الذي أصابت أبناء جيلهم.
فكما أن التلفزيون يقوم بمناقشة ما يهم الناس أساساً، فإنه يقترح عليهم قضايا جديدة مع ترويج الاهتمام بها،.وقد يكون الطرح الذي يقدمه لإحدى القضايا إضافة لمعلومات البعض من قبل المختصين أو المهتمين، مادة مهمة نعتمد عليها عندما تواجهنا أي صعوبات.