غزة في أزمة - تداعيات الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين « كتاب جديد صدر مؤخرا عن دار«هاي ماركت بوكسل » لاثنين من أبرز الأصوات التي انتقدت الظلم اينما حل والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون بشكل خاص،
وهما نعوم تشومسكي وهو أحد كبار اللغويين في العالم ومن ابرز الكتّاب في العالم الذين انتقدوا الحكومات الاميركية وسياساتها في منطقة الشرق الأوسط، وايلان بابي وهو بروفسور في التاريخ في جامعة اكستر في المملكة المتحدة ومدير مركز الدراسات الفلسطينية وناشط سياسي معروف وهو مؤلف كتاب « التطهيرالعرقي في فلسطين ». وانطلق الكاتبان هذه المرة في كتابهما من الممارسات الإسرائيلية الظالمة بحق قطاع غزة وصولاً إلى الاحتلال الأشمل للأراضي الفلسطينية.
ويبدو عنوان الكتاب غير دقيق، حيث يظن المرء أنه يعنى بغزة بشكل كلي وبسفن المساعدة التي جاءت لنجدة القطاع ولاقت رداً عنيفاً من قبل القوات الإسرائيلية كأسطول الحرية وسفينة مرمرة تحديدا ،إلا أن القارئ لن يجد سوء جزأين من بين ثمانية أجزاء من الكتاب خصصا لهذا الموضوع.. ويضم الكتاب المؤلف من 200صفحة مقابلات ومقالات متفرقة للكاتبين، والمؤشر الوحيد على التفاعل بين الكاتبين هو الافتتاحية والجزء السادس الذي يتحدث عن تهويد القدس وكلاهما عبارة عن مقابلة بين الكاتبين مع الناشط المقيم في لندن فرانك بارات .
وفي الجزء الثاني من الكتاب الذي عني بالتدخل الأميركي في القضية الفلسطينية تطرق بابي إلى العلاقة القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وعوضا عن الاكتفاء بالاشارة إلى اللوبي الإسرائيلي القوي،ضمّن الكاتب كتابه بحقائق مثل (اليهودية المسيحية) و(شبه انعدام النفوذ العربي في القرارات الخارجية الأميركية) و(المصالح الجيو سياسية للولايات المتحدة وعملية السلام المفتوحة في المنطقة).
وربما لا تتفق آراء القراء حول ما طرحه الباحثان بشأن «حل الدولة الواحدة » الذي ينظر إليه على إنه البديل لاقتراح حل الدولتين .وينضم الكاتبان إلى الآراء المؤيدة لقيام دولة فلسطينية- يهودية ويعتقدان أن قيامها امر ممكن وليس مستحيلاً.
ويرى بابي أن الوقائع على الأرض تؤكد استحالة حل الدولتين، لكن كلا الباحثين لايعتقد ان حل الدولة الواحدة يمكن التوصل إليه في وقت قريب. ويحذر تشومسكي من أن حل الدولة الواحدة سيصاغ إن حدث حاليا على النمط الاميركي دون النظر إلى المصالح الفلسطينية الحقيقية . اما بابي فيقول: إن انعدام الأمل والإيمان بامكانية قيام دولتين معا لا يمكنه أن ينتج تغيراً دراماتيكياً في السياسة بين مبعوثي السلام الدوليين .وينصح تشومسكي بقيام دولة واحدة ثنائية القومية بمجتمعين مختلفين يعيشان جنبا إلى جنب تحت حكم انظمة مستقلة .
و يجب على الفلسطينيين والإسرائيليين العيش معاً ولكن تحت قوانين عادلة تضمن للطرفين حقوقاً متساوية .
اما بابي فيرى أن الخطأ لم يقع في عام 1948 بل في عام 1967 .وعندما ينتقل النقاش من التركيز المكثف على احتلال الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة إلى الاحتلال وطرد الفلسطينيين عام 1948،فإن مفهوم الدولة الواحدة سيصبح تطوراً طبيعياً .
ولوضع أرضية العمل من اجل حل الدولة الواحدة يجب القيام بعدة مشاريع مثل القيام باستطلاعات رأي حول الموضوع و حملات تثقيف لدى كلا الجانبين حول هذا الخيار وتشكيل فرق عمل من اجل القيام بإطار قانون جديد ونظام تعليمي... ومؤشرات إرشادية للنظام الاقتصادي وقوانين المواطنة.
إن أياً من الكاتبين غير متفائل في قدرة الادارة الأميركية الحالية على التوصل إلى تسوية في المنطقة. فتشومسكي كتب في الجزء الاخير من الكتاب إن هناك صعوبة في التوصل إلى فهم لماذا تغمض الأعين عن مشروع اوباما بشأن الديمقراطية وينظر إليه بسخرية مطلقة في الوقت الذي يطالب فيه في مناطق أخرى بإحداث تغييرات في المجتمع المدني من الأسفل ويشدد على هذا الأمر .
يعود تشومسكي إلى تأكيد المواقف التي لم يكف عن تكرارها منذ أربعة عقود حول أصول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وحول تواطؤ الإدارات الأميركية المختلفة مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والساعية إلى تأييد الاحتلال، ناهيك عن حماية إسرائيل في المحافل الدولية، واستخدام حق النقض في مجلس الأمن.
ويقول: إن الصراع الفلسطيني والعربي - الإسرائيلي يبدو عصياً على الحل، وقد استهلك الكثير من الوقت والجهد والموارد، رغم أن الحل نفسه معروف، ويحظى بتأييد الأغلبية العظمى من دول العالم.
وعلى الرغم من انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، إلا أنها ترفض التخلي عن السيطرة الأمنية الكاملة عليها، وقد حولت القطاع إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، وإلى مكان لا يصلح للعيش، حسب تعبير تشومسكي.
فاستمرار الحصار، ومنع دخول مواد ومعدات البناء إلى غزة، وتقليص حرية الحركة بطريقة تضع الفلسطينيين في غيتوهات مغلقة ومعزولة، كلها أشياء تستهدف ترويع وعقاب وإذلال الفلسطينيين.
أما إيلان بابي فيقدم تحليلاً للتحالف الأميركي - الإسرائيلي، الذي «يجافي المنطق السليم، والمصالح المألوفة بين الدول، ويركز بشكل خاص على الجذور الإنجيلية العميقة لموقف أميركا من إسرائيل ومن العرب والفلسطينيين، كما يقدم تحليلاً تاريخياً جديداً لميلاد الحركة الوطنية في فلسطين.
كتاب نعوم تشومسكي وايلان بابي حرره وأعده «فرانك بارات» وهو ناشط من أجل السلام يعيش في لندن، ومنسق محكمة رسل الدولية حول فلسطين، وعضو حملة التضامن مع فلسطين، واللجنة الإسرائيلية لمكافحة هدم البيوت