صفعة أخرى تلقتها عملية السلام برفض إسرائيلي جديد ومتكرر لدولة فلسطينية على حدود العام 1967 سبقه رفض مطلق للدخول في أي مفاوضات مع الطرف الفلسطيني تشارك فيها حركة حماس ..
طبعا الرفض الإسرائيلي لايضيف جديدا إلى ذلك التاريخ الأسود لهذا الكيان الذي نزع مصطلح السلام من قاموسه واستبدله بأفعال الإرهاب والإجرام والقتل والتدمير منذ احتلاله للأرض العربية .
الجانب الإسرائيلي يعيش كابوسا حقيقيا هذه الأيام مع اقتراب موعد التصويت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل وهو ما انعكس هيجانا وتخبطا وتصعيدا في أفعاله وممارساته على الأرض ترجمت بحملة اعتقالات ومداهمات في الضفة الغربية لوزراء ونواب فلسطينيين وقياديين من حركات المقاومة الفلسطينية واستهدافات لمراكب الصيادين في غزة إضافة الى ذلك السعي المحموم لمواصلة الاستيطان في القدس ومحيطها ،بالتزامن مع إعلان جيش الاحتلال وضع قواته البحرية في حالة تأهب تحسبا لوصول أسطول جديد من السفن التي تقل متضامنين مؤيدين للشعب الفلسطيني الى شواطئ غزة احتجاجا على الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع .
الخوف الإسرائيلي من الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية دفع بحكومة نتنياهو إلى إعلان الاستنفار السياسي والدبلوماسي داخل الكيان الصهيوني وخارجه بهدف التصدي لمحاولات الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العمومية وإحباطها ،حيث كشفت عدة صحف إسرائيلية وأجنبية مؤخرا عن خطة إسرائيلية وزعتها إدارة نتنياهو على جميع دبلوماسييها في دول العالم كافة بغية القيام بحملة دولية واسعة لانتزاع رفض دولي للاعتراف بدولة فلسطينية عند التصويت على ذلك خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة،وجاء في البرقيات التي أرسلتها حكومة الاحتلال الى سفاراتها في العالم انه ينبغي التعامل مع المبادرة الفلسطينية على أنها تمس بشرعية إسرائيل وانه يجب على الدبلوماسيين الإسرائيليين التواصل مع كبار السياسيين في البلدان التي يخدمون فيها للتأثير على قرار دولهم باتجاه التصويت في المنظمة الأممية ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية وذلك بمساعدة القوى الاجتماعية الفاعلة في تلك البلدان كالجمعيات اليهودية والمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى توظيف وسائل الإعلام وتنظيم حملات عامة للتأثير في الرأي العام وكل القوى المتنفذة بالبلدان المستهدفة.
الاستنفار الإسرائيلي لإحباط الاعتراف بدولة فلسطينية أثمرت أولى نتائجه في الولايات المتحدة من خلال اللوبي الصهيوني الذي يتمتع بقدرات خارقة على التأثير في القرار الأمريكي وهذا ما بدا واضحا في الكونغرس من خلال مشروع قرار أصدره الأخير يعارض عودة إسرائيل إلى خطوط الرابع من حزيران عام 1967 ويؤكد على التزام واشنطن بأمن إسرائيل .
الرفض الإسرائيلي لقيام دولة فلسطينية على جزء بسيط من الأرض الفلسطينية المحتلة والمتزامن مع مواصلة الاحتلال لممارساته العدوانية من قتل وتدمير واستيطان وما إلى ذلك .. يعيد الكرة الى الجانب الفلسطيني المنهك والضعيف الذي يعاني منذ زمن من تبعثر الإرادة والفعل على المستويين الداخلي والخارجي وهو ما أنتج ضعفا مضاعفا للجسد الفلسطيني وضياعا للقضية الفلسطينية التي تقاذفتها أمواج المجتمع الدولي المتواطئ كثيره مع الاحتلال الصهيوني والغياب العربي الذي لاحول له ولا قوة .
المرحلة القادمة التي لم تختلف عن سابقاتها كثيرا والتي بانت ابرز ملامحها بعد لقاء نتنياهو - اوباما وتعهد الأخير بحماية ودعم امن إسرائيل وتكراره ذلك أمام اللجنة اليهودية الأميركية (الايباك ) يجعل من الحفاظ على المصالحة الفلسطينية ولم الشمل بين الإخوة ضرورة استراتيجية وخيار حتمي وحيد لابديل عنه في هذه المرحلة الحاسمة والفاصلة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي والحبلى بالمتغيرات السياسية ويضع مختلف الأطراف أمام مسؤولياتهم انطلاقا من أن الوطن المحتل لجميع الفلسطينيين ، ولايمكن لأي طرف التفاوض وحده لاسترداد أي جزء منه وهو ما أثبتته عقود طويلة من التجارب الفاشلة في المفاوضات مع الاحتلال الذي استغل هذه النقطة لسنوات عديدة ولعل سلسلة التهديدات التي أطلقتها إسرائيل للسلطة الفلسطينية بعيد الاتفاق مع حركة حماس تلخص حجم الربح والفائدة الذي كان يقدمه الانقسام الفلسطيني لإسرائيل كما يظهر حجم الخسارة التي ستنتج عن هذه المصالحة.
التكاتف الفلسطيني - الفلسطيني ضروري وأساسي لمواجهة المرحلة القادمة مع الأخذ بعين الاعتبار طبعا الحاضن العربي الذي يبقى الداعم الرئيس لأي مواجهة فلسطينية مع الطرف الإسرائيلي وهو مايستوجب خلق استراتيجية عربية فلسطينية قائمة على عدة خيارات بينها خيار المقاومة الذي تخلت عنه بعض الأطراف في مرحلة من المراحل .