رسالة علوية شديدة اللهجة إلى أردوغان
تصاعد التوتر بين تركيا وكل من سوريا والعراق
محمد نور الدين
كتب محمد نور الدين:بدأت تركيا، ولا سيما حكومة حزب العدالة والتنمية، تحصد نتائج سياساتها التي اتبعتها تجاه بعض الدول العربية، ولا سيما سوريا والعراق.
ويبدو أن أنقرة لم تعر أهمية لانزعاج دمشق من انحيازها إلى المعارضة السورية، باحتضانها للمرة الثالثة مؤتمرا للمعارضة السورية في مدينة انتاليا، ومع كلام أوساط تركية لـ«السفير» أن رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان في طريقه لإعلان موقف «قوي» من دمشق.
ومع أن أنقرة كانت تركز تصويبها على الوضع في سوريا فإن السهم قد جاءها من جبهة أخرى، في إشارة تحذيرية قوية إلى ما يمكن أن تواجهه من صعوبات في سياسة تصفير المشكلات في المرحلة المقبلة، بعد اتخاذها مواقف أقرب إلى الجهات المعارضة للنظام السوري، ولحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
فقد أعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ انه ما لم توقع تركيا اتفاقا ترفع بموجبه كمية المياه الممررة إلى العراق وسوريا فإن البرلمان العراقي لن يوافق على اتفاقية مجلس التعاون الاستراتيجي الأعلى بين البلدين. ومن جهته، قال رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي انه ما لم ترفق اتفاقية جديدة حول المياه باتفاقية مجلس التعاون الاستراتيجي فإن هذه لن تمر في البرلمان.
الجدير بالذكر أن مواقف حزب العدالة والتنمية من قضية المياه لم تتغير عن مواقف الحكومات العلمانية السابقة، مع فارق أن سوريا والعراق تجنبا أن يجعلا منها مشكلة، أو أن يرفعاها كما العادة إلى جامعة الدول العربية، وذلك من أجل توفير أفضل الظروف السياسية لتطوير العلاقات بين تركيا وكل من سوريا والعراق. وبعد الفتور في العلاقات التركية مع كل من العراق، حيث اتهمت حكومة المالكي أنقرة باتباع سياسات مذهبية فيه، وسوريا، من المستبعد أن يستمر البلدان في هذا الموقف والبدء برفع الصوت عاليا، ولا سيما بعد تراجع كميات المياه بل تردي نوعية المياه التي تصل إلى سوريا والعراق.
وفي وقت دعا فيه مستشار رئيس الحكومة التركية إبراهيم قالين إلى أن يكون للحركات الإسلامية في الدول العربية دور مركزي في السلطات السياسية التي ستنشأ، خطت أنقرة خطوة إضافية، هي الثالثة من نوعها خلال شهر ونصف الشهر، وذلك باستضافتها الثلاثاء المقبل لثلاثة أيام مؤتمرا موسعا للمعارضة السورية، يحضره أكثر من 275 شخصية سورية.
ومع انه لم يصدر بعد أي تعليق من المسؤولين الأتراك، فإن هذا المؤتمر سيبدد ما تبقى من بقايا ثقة بين دمشق وأنقرة، ويعكس استمرار الأزمة بين البلدين.
وذكرت صحيفة «حرييت» أن مؤتمر المعارضة السورية سينعقد في مدينة انتاليا الساحلية القريبة من سوريا، وقد تم حجز 275 غرفة في فندق «فاليز» ذي الخمس نجوم، وسيكون المؤتمر خطوة أولى على صعيد تنظيم المعارضة السورية.
وقد ذكر رئيس منظمة حقوق الإنسان الدولية السورية عمار القربي أن المؤتمر يهدف إلى دعم «الثورة ومطالب الشعب السوري». وقالت الصحيفة إن ممثلين عن كل المعارضة وعن الجماعات الدينية ستدعى، فيما لم يعرف إذا ما كان نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام سيشارك في المؤتمر أم لا.
من جهة أخرى، وفي خضم الحملة الانتخابية المستعرة تلقى رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان رسالة شديدة اللهجة من الاتحاد العلوي البكتاشي يتهمه فيها بالتحريض على الكراهية بين أتباع المعتقدات، وبممارسة السياسة باستخدام النزعة الاتنية والمذهبية، قائلا له إن من يكون خياره هذا لا ينتج سياسة.
وانتقدت الرسالة المكتوبة والمفتوحة الموجهة إلى اردوغان موقفه من المسألة العلوية، قائلة إن حب الإمام علي لا يكفي بل يجب أن يقرن ذلك بخطوات عملية. وانتقدت اردوغان لأنه يبقى صامتا أمام الجماهير التي يخاطبها وتواجه بصيحات الاستنكار كلما وردت الإشارة إلى العلوية في خطاباته.
وجاء في الرسالة أيضا أن رفاه البلد واستقراره لا يكونان فقط بالاقتصاد بل أيضا باستقرار البنية الاجتماعية. وقالت انه لا يمكن إقامة سلام أهلي دائم إذا لم يدافع التركي عن حق الكردي، والكردي عن حق التركي، والسني عن حق العلوي، والعلوي عن حق السني. وانتهت إلى أن اردوغان سيذكره التاريخ على انه رئيس الحكومة الذي يغذّي «الكراهية» بالسماح بإطلاق صيحات الاستهجان عند ذكر أحد المعتقدات.
السفير