تشهد المنطقة موجة من التحركات الشعبية التي تستهدف تغيير حكام و أنظمة ، و بينما حاولت بعض الجماعات من الخارج و الداخل أن تختبر إمكانية استدراج السوريين إلى الشوارع عبر رسائل إلكترونية و من خلال دعوات عبر الفيس بوك ، أظهر الشباب السوري بالوسائل نفسها تأييدا حارا للرئيس بشار الأسد و قد وجه متحمسون على الأنترنت دعوات لتحريك تظاهرات مؤيدة للرئيس ، تدخلت القيادة السورية لثنيهم عنها .
و عندما وجهت الدعوة في 5 شباط على الأنترنت لمظاهرات احتجاج لم تجد من يقوم بها فظلت ساحتا دمشق و حلب اللتان حددتا للتجمع فارغتين إلا من المراسلين و بعض رجال الشرطة الذين لم يجدوا متظاهرا واحدا يتعاملون معه.
مصدر تلك الدعوات كشفه ناشطون سوريون على الأنترنت عرضوا العناوين و الأسماء التي صدرت عنها الدعوات و بعضها من إسرائيل ( أعضاء في تكتل الليكود و عناصر من الموساد ) و من لبنان ( محازبون للمستقبل و القوات اللبنانية ) و من شمال العراق ( أكراد على علاقة معروفة مع إسرائيل ) و من بعض الدول الأوروبية حيث يتواجد منشقون تتقدمهم جماعة عبد الحليم خدام .
في هذا المناخ جاءت مشاركة الرئيس الأسد في مراسم عيد المولد النبوي بالمسجد الأموي و ما إن غادر المبنى حتى وجد جمهورا من آلاف المواطنين الذين تجمعوا لتحيته و قد فرض الاحتشاد سريان خبر وجود الرئيس في الاحتفال الذي أقيم في وسط العاصمة السورية حيث تتواجد الأسواق الشعبية التي يزورها مئات الآلاف من أبناء العاصمة و المحافظات السورية .
تجمهر السوريون و هتفوا بحياة الرئيس الأسد و وسط الحشود سعى العشرات بينهم شيوخ و سيدات و فتيات و أطفال للاقتراب من الرئيس الأسد بينما كان يهم بقيادة سيارته بنفسه من غير مراسم أو حراسات مشددة وتبادلوا الحديث معه و تقدم البعض من الرئيس بمطالب و شكاوى تخصهم فتحدث إليهم مستوضحا باهتمام كعادته واعدا بالمتابعة التي تحولت على الدوام إلى خطوات عملية غيرت حياة الكثيرين و مصدرا لمعاينة مشاكل اجتماعية أوسع نطاقا يصدر الرئيس توجيهاته بحلها.
من المعروف أن الرئيس الأسد يحرص دائما على التواجد مع الناس بصورة عادية و غالبا يتناقل السوريون أخبار تواجده في الأماكن العامة مع زوجته و أبنائهما ببساطة و من غير صخب أو مواكب كما يشاهد الرئيس السوري يقود سيارته بنفسه في شوارع العاصمة السورية .
التدابير الأخيرة التي اتخذها الرئيس الأسد لتخفيف وطأة الواقع المعيشي لذوي الدخل المحدود و الفئات الشعبية في سورية عكست تحسسه للوضع الاجتماعي في سورية حيث تؤمن الدولة الطبابة و الاستشفاء كما تؤمن التعليم على نفقتها حتى الجامعة و رفضت الحكومة السورية خلال السنوات الأخيرة جميع الشروط الأجنبية التي تضمنت دعوات لبيع القطاع العام و رفع كل أشكال الدعم للسلع الضرورية و بينما يستمر النمو الاقتصادي و تتواصل عملية تحديث الاقتصاد فإن البلاد تحتفظ باحتياط وفير من القمح لسنوات عديدة و تستفيد من علاقات و شراكات إقليمية عديدة أبرزها مع تركيا التي يرتادها ملايين السوريين للسياحة والتسوق .
حين يقارن السوريون أوضاعهم الحياتية بدول كمصر و الأردن يشعرون بالارتياح لكنهم شعب طموح يتطلع للأفضل و لذلك فهم ينتظرون مبادرات الرئيس الأسد الإصلاحية التي وعد مؤخرا بتحريكها في تعليقه على الثورة المصرية حين قال إن التغيير يحصل حيث تبنى السياسات و الخيارات خلافا للإرادة الشعبية و تؤكد المعلومات أن في جعبة الأسد لبلاده و لشعبه الكثير منطلقا من الاستقرار و من مكانة سورية المرموقة التي يعود إليه الفضل في تكوينها خلال الأعوام القاسية المنقضية.
ينظر السوريون لرئيسهم بفخر شديد رمزا لهوية قومية يفاخرون بها و قد حركتهم تلك المشاعر للتظاهر بالملايين قبل أعوام قليلة لرفض التهديدات الأميركية و الإسرائيلية بعد احتلال العراق و لمساندة موقف الأسد الصلب الذي أعلنه في تلك المرحلة متحديا القوة الأعظم التي أرسلت جيوشها لتصبح على الحدود الشرقية لسورية كما قال وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول للرئيس السوري حين نقل شروط إدارته بوقف الدعم عن المقاومة في لبنان و فلسطين و العراق و أعاده الأسد خائبا و قبل التحدي الذي انتهى إلى عبارة جيفري فيلتمان الشهيرة : اعتقدنا أننا نعزل سورية و اليوم المعزول هو الولايات المتحدة ..