يتخيّل الكيان الصهيونيّ بصورة شبه دائمة أنه مدعوّ بمناسبة ودون مناسبة لإجراء مسابقة يتخيّلها في ذهنه لاختيار الدولة الديمقراطية الأولى في العالم، وعندما تذهب هذه الدعوة
أدراج الرياح يرفض الاعتراف بفشل الخطة التي رسمها سلفاً لتنصيب نفسه حامي حمى الديمقراطية وحامل مشعلها الذي لن ينطفئ، فيسارع لاختيار حكّام من بني جلدته ويقيم المسابقة في مكان يختاره هو ويحدّد مستوى الحضور ونوعيّته، وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الشرط الأوّل للحضور يقوم على إيمان الحضور بالإجرام وارتكاب الجريمة إيماناً لا تخامره ذرّة شك، وإذا التفتنا لنتفحّص وجوه الحاضرين وجدنا سلسلة طويلة عريضة من المجرمين الصهاينة العتاة الذين يصرّون على إبقاء أيديهم ملطّخة بدماء الضحايا من أبناء الشعب العربيّ الفلسطينيّ، ويبدو أنّ هؤلاء المجرمين يخافون غسل أيديهم لكي لا يفقدوا بطاقة الانتساب إلى نادي الجريمة الذي يرحّب بهم مخلصين لرسالته القذرة الدنيئة.
وعاماً بعد عام يضع هذا النادي شروطاً جديدة لقبول أعضاء جدد أو استمر الأعضاء القدامى يحمل بطاقة الانتساب إليه، ويخشى المجرمون الصهاينة أن يؤدّي فصلهم من هذا النادي إلى إخفاقهم المستقبليّ في إجراء مسابقة جديدة تتعلّق بالديمقراطية، لأنهم يختارون كيانهم العنصريّ الدولة الديمقراطية الأولى في العالم ويقدّمونه على أنه واحة غنّاء تتقلّب الديمقراطية فوق عشبها الخضل الطريّ،بينما تصرخ الحقيقة وبملء فمها بأنّ (( إسرائيل) هي قلعة الجريمة ومعقل الإرهاب ؛ ما في ذلك أدنى ريب.
ومن بين الشروط التي وضعها نادي الجريمة ابتكار أساليب جديدة في إزهاق أرواح الضحايا والتمثيل بجثثهم بعد قتلهم أشنع تمثيل، وهنا أصاب الفرح قلوب القادة الصهاينة المجرمين لأنهم وجدوا هذا الشرط سهلاً يسيراً لأنهم يعرفون أنهم قادرون على ابتكار أساليب لم يسبقهم إليها أحد في جعل دماء الضحايا جدولاً ثراً جارياً.
ولاحت الفرصة في العثور على طريقة جديدة كلياً تتمثّل في التسلّل إلى غرفة نوم الضحية وإفراغ رصاص الحقد في المكان المناسب في جسده لتركه يغوص في بركة من الدماء ثمّ الاطمئنان إلى أنه سقط جثّة هامدة مفارقاً الحياة.
وما أكثر تلك العمليّات التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي وجرّب فيها هذا الأسلوب على الفلسطينيين بعد اتخاذ قرارات بعمليات اغتيال تقرّها الجهات العليا وتنفذ من مسافة قريبة، وفي غرف النوم تحديداً، وهذا ما أكّدته منظمات حقوقية فلسطينية تولّت التحقيق في بعض هذه الاغتيالات.
وترى هذه المنظمات أن الإعدامات جزء أساسي من مسلسل القتل خارج نطاق القانون، مبيّنة أن (إسرائيل) تحاول خداع العالم بالقول إنها لا تقر الإعدام في قانونها لكنها لم تتوقف عن تنفيذه بحقّ الفلسطينيين منذ نشأتها.
ويرى هؤلاء الحقوقيون أنّ الجرائم المرتكبة بهذه الطريق قد تستمرّ أمداً طويلاً مستظلّة بمظلّة الحماية الأميركية، ويعوّل هؤلاء على طرق أبواب المحاكم الأوروبية، و القيام بتحرك دبلوماسيّ نشط قد يثمر عن خلق ضغط جديّ على (إسرائيل) يكبح من جماح شهوتها المفرطة لارتكاب المزيد من الجرائم.
وفي هذا السياق، تؤكد تحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن الفلسطيني إياد أسعد أحمد أبو شلباية البالغ من العمر38 عاماً وهو من نشطاء حركة حماس في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، استشهد بعد إعدامه عن قرب أواسط شهر أيلول من العام الماضي2010.
وجاء في تحقيقات المركز أن شقيق الشهيد سمع صوت أخيه يتساءل بصوت عالٍ عن أناس اقتحموا منزله بعد أن انهالوا على الباب طرقاً، تبع ذلك مباشرة إطلاق ثلاثة أعيرة نارية، وإثر ذلك توجه ((محمد)) شقيق الشهيد نحو غرفة نوم شقيقه، فشاهد بركة دماء على الأرض، وبقعاً أخرى على السرير والحائط.
وبالطريقة ذاتها تمّ قتل ثلاثة فلسطينيين بطريقة مماثلة في مدينة نابلس في السابع والعشرين من شهر كانون الأول عام 2009.
وجاء في تحقيقات المركز بشأن ظروف استشهاد ((نادر عبد الجبار محمد السركجي)) الذي يبلغ عمره 40 عاماً أنّ الشهيد ((فتح المذكور الباب، فعاجله جنود الاحتلال بعيار ناري أصابه في الجبهة، و أدّى ذلك إلى سقوطه على الأرض، ثم حاصروه وفتحوا النار تجاهه من مسافة قريبة جداً، ونجم عن ذلك إصابته بسبعة أعيرة نارية في الرأس والصدر والساعد الأيسر والحوض والساق اليسرى)).
واليوم يفتّش الصهاينة عن اختراع وابتداع طرق ووسائل جديدة لقتل الفلسطينيين الذين يسقطون شهداء زرافات ووحداناً في (طوباس) بالضفة الغربية،وفي حي سلوان والبستان بالقدس، وفي كلّ مكان فوق أرض فلسطين العربية التي لن تلين قناة أبنائها في مقارعة الصهاينة المحتلّين الذين أثبتوا أنهم أساتذة الجريمة بامتياز لكنّ جرائمهم لن تمرّ دون مناسبة ولن يبقى إجرامهم سارحاً كما يشاء لأنّ تمسّك الشعب الفلسطينيّ بالدفاع عن حقّه سيوقف هذا الإجرام وسيحيله إلى يد العدالة لينال الجزاء الذي يستحقّه.