(لا للاحتلال) منظمة هولندية مناهضة للسياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بكل تفاصيلها تترأسها الناشطة غريتا دويزبنيرغ، أما المتحدث باسم المنظمة فهو طارق شديد، الجراح الفلسطيني ورئيس الخدمات الطبية في إحدى مشافي الشرق الأوسط.
وهو الذي ولد في هولندا وله العديد من المقالات التحليلية والسياسية المنشورة في صحيفة (palestine chronicle)، وأصبح من المدافعين المعروفين عن القضية الفلسطينية في وسائل الاعلام الهولندية من التلفاز إلى الراديو إلى العديد من الصحف، كما أن له اهتمامات بالموسيقا حيث ألف العديد من الأغاني حول القضية الفلسطينية.
إن دور منظمة (لا للاحتلال) يقوم على كشف وجه «إسرائيل» الحقيقي والبشع عبر تعريتها أمام الرأي العام الأوروبي وفضح جرائمها وممارساتها في هذه الآونة التي تتسارع فيها الأحداث على مستوى العالم وتختلط فيها الأوراق بشكل معقد ومريب بآن واحد، فالولايات المتحدة تنسحب من التزاماتها في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بل وتصرح علناً بأنها غير قادرة على الضغط على «إسرائيل» لوقف الاستيطان، بينما تجد هذه الأخيرة في ذلك فرصة لتزيد في طغيانها وتجبرها وفرضها المزيد من الإجراءات والقوانين الظالمة بحق الفلسطينيين بغاية اقتلاعهم وتشريدهم بعيدا عن أرضهم وأرض أجدادهم.
في قلب هذا الواقع المر والمؤلم الذي تحاول «إسرائيل» فرضه على سكان فلسطين بدأ موقع ( ويكيليكس) بنشر معلومات ووثائق سرية تخص دول العالم أجمع، واستمر هذا السيل من التسريبات وبشكل شبه يومي ومنذ قرابة الشهرين في عرض هذه الوثائق التي قيل إن عددها يفوق الـ 250000.
لقد تسبب جوليان اسانج الإسترالي الجنسية بإحداث فيضانات من الفضائح السياسية للكثير من القيادات في العالم وهو رغم اعتقاله (؟!) من قبل الشرطة البريطانية مازال يهدد بنشر المزيد من هذه الفضائح لكن اللافت في الموضوع هو أن هذه الفيضانات والتسريبات أصابت كل البلاد وخاصة في مناطق النزاعات الا دولة واحدة بقيت قدماها جافتين لم يصبهما البلل!!! إنها «إسرائيل» المعروف عنها خبثها الشديد في مجال التسريبات والاختراقات وبث المعلومات المسمومة.
ولكن هل كل ما قيل وسيقال صحيح؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟ وبأي وسيلة حصل جوليان أسانج على هذا الكم الهائل من المعلومات؟ للإجابة على كل هذه الأسئلة وغيرها يجب أن نلجأ إلى القاعدة الذهبية في السياسة التي تدلنا على القوة المحركة لأي ظاهرة ألا وهي من المستفيد من هذا النشر وبهذا التوقيت؟ إذا عرفنا الجواب فإننا سنضع يدنا على القوة الرئيسية واليد الخفية التي تقف وراء هذه الفوضى.
إذا تأملنا كل الوثائق المسربة فإننا سنجد أنها طالت كل القيادات السياسية في الشرق الأوسط وغيره ولم ولن نجد أي وثيقة تتعلق بالشؤون الإسرائيلية ولم ولن نقرأ أي خبر يسبب الاحراج للحكومة الإسرائيلية ويسبب الإرباك لها ولا حتى التلميح إليها!!؟!.
إن المتعمق بهذه التسريبات يجد أنها كلها في مضمونها تصب في مصلحة إسرائيل ولذلك فإن المخابرات الإسرائيلية هي أول المشبوهين الذين يقفون وراء ظاهرة جوليان اسانج وكل تلك الفضائح لم تصب ولا شعرة واحدة عند نتنياهو ولا حتى تجرأت على ذكر أي مجرم إسرائيلي آخر ولو بالاسم فقط.
وعلى ذلك فالشك قارب أن يصبح حقيقة وخاصة سيناريو القبض عليه واعلان الانتربول أن اسانج متورط في قضايا تحرش جنسي واغتصاب في استوكهولم. لرفع رصيده وزيادة التعاطف معه بعد أن كان قبل القبض عليه ملاحقاً ومتخفيا وكذلك المطالبة بتصفيته من قبل أكثر من مسؤول غربي والسعي لإغلاق وتفكيك موقع ويكيليكس والتهديد باغلاق وسائل الإعلام التي تنشر أياً من التسريبات التي ينشرها الموقع وكذلك اليوم الإعلان عن النية بإطلاق موقع مشابه له يؤدي الدور ذاته إنه سيناريو هوليوودي بامتياز.
وبالفعل فاليوم الكثير من المنشقين في العالم رحبوا بالجرأة التي يتحلى بها جوليان أسانج ورأوا فيه البطل الذي استطاع الوقوف بوجه أعتى قوة على وجه الأرض.. الولايات المتحدة.. واستطاع أن يحرج قادتها وبشكل جعلهم يبدون سعادتهم عند الإعلان عن اعتقاله لقد وصف مؤيدو اسانج عملية اعتقاله بمؤامرة مؤكدين أن الإعلام الديمقراطي بحاجة لمثل هذه المواقع والأكثر اثارة في هذه القضية تسويق البعض لاسانج كبطل سلام داعين لترشيحه لجائزة نوبل تكريما له على جهوده.
أما التدقيق في تفاصيل هذه التسريبات فسنجد أن جوليان اسانج أحدث ضجة كبيرة بسبب أخبار قديمة لاجديد فيها فإحدى الوثائق ذكرت أن العدوان الإسرائيلي البربري على غزة شتاء 2009 تم بمعرفة بعض الدول العربية وهذا بحد ذاته أمر معروف لاجديد فيه.. ولذلك فإن تسريبات ويكيليكس عملت على خلق بلبلة وفوضى في العالم أجمع كان ضحيتها القادم والمسؤولين وخاصة في الشرق الأوسط وبالطبع عدا «إسرائيل».
وبخصوص احداث 11 أيلول ذكرت احدى الوثائق أن الطائرات التي هاجمت مركز التجارة العالمي أدت إلى تدميره وتحويله إلى ركام وغبار رغم أنه ناطحة سحاب ضخمة بينما عثر بين انقاض البناء وهنا المفارقة على جواز سفر كامل للطيار منفذ العملية.
بالتأكيد إن الاستمرار بالنشر التدريجي لآلاف الوثائق التي يشاع أنها سرية إنما يراد منه تحويل تركيز العالم عن قضايا حساسة ومشروعات دنيئة يخطط لها ويسعى لتمريرها وسط هذا الزحام والفوضى المتعمدة والمفبركة لصرف تركيز الرأي العام والممانعين لهذه التصفيات وما دور جوليان اسانج في هذه التمثيلية إلا البطل الذي يتحدى الظلم.. هكذا أريد له.. فلنتابع معاً هذا الدور المتقن والمكشوف.. واعلم ياسيد جوليان اسانج أن الكلب لا يعض اليد التي تطعمه.