مع حلول الذكرى الثانية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والذي أسفر عن سقوط أكثر من 1400 شهيد ، يعيش القطاع المحاصر أجواء عدوان جديد تشير كثير من الدلائل الى أن إسرائيل تحضر له في سياق سعيها للتهرب من الضغوط الدولية المتصلة بعملية التسوية في المنطقة،
وان كانت تصريحات قادة الاحتلال تحاول ربط العدوان المتوقع بمزاعم عن حصول المقاومة في قطاع غزة على أسلحة نوعية جديدة .
وفي هذا السياق، توقع عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية شن حرب جديدة على القطاع بدعاوى مماثلة لما كان يتردد عشية عدوان 2008 . وقال وزير الصناعة والتجارة بنيامين بن إليعازر «لن يسمح لحماس وللفصائل الفلسطينية بتنغيص حياة الإسرائيليين بهجماتهم أو بزراعة العبوات على طول الحدود وستجعلهم اسرائيل يدفعون ثمنا باهظا جراء ذلك».
من جهته قال سيلفان شالوم القائم بأعمال رئيس الوزراء إن إسرائيل «لن تسمح بالعودة للوضع الذي ساد قبل عملية الرصاص المصبوب قبل عامين وإنه إذا استمر الوضع الراهن على ما هو عليه وتواصل إطلاق الصواريخ وتهريبها إلى القطاع فلن يكون أمام إسرائيل سوى الرد بقوة أشد مما حدث قبل عامين».
غير أن الكاتب بصحيفة يدعوت أحرونوت آليكس فيشمان لا يرى أن التصعيد الحالي يقصد منه تجدد المواجهة الشاملة بين الطرفين, بل يعتقد أن حركة حماس « يمكنها لو أرادت أن ترمي بكل القواعد عرض الحائط أن تطلق صواريخها على هرتزليا أو مطار بن غوريون, خصوصا أن لديها القدرة على فعل ذلك».
وما تريده حماس -حسب فيشمان- هو اختبار ردة الفعل الإسرائيلية, وهي بذلك -حسب رأيه- تضع قواعد جديدة للعبة.
ورأى المحلل الإسرائيلي مير جافدنفر أن على إسرائيل أن تكون حذرة للغاية في تعاملها مع غزة «في ضوء العزلة الدولية التي تعانيها بشكل متزايد». وحذر من أنه سيكون صعبا على إسرائيل تأمين دعم أميركي وأوروبي لأية ردة فعل مبالغ فيها ضد القطاع .
في غضون ذلك، استكمل جيش الاحتلال أول دورة تدريب خاصة من نوعها تهدف لتقليل سقوط ضحايا مدنيين أثناء شن حرب على غزة.
وادعت صحيفة «جيروزاليم بوست» أنه في إطار مساعي الجيش لتفادي تقرير غولدستون جديد بعد أية عملية في غزة أو لبنان، انتهت مؤخرا أول دورة تدريب من نوعها لوظائف جديدة تهدف لمساعدة إسرائيل في تقليص الأذى للمدنيين أثناء العمليات العسكرية.
الى ذلك كشفت مصادر عسكرية عن أسباب التصعيد الأخير ضد قطاع غزة .
ونقل موقع التلفزيون الإسرائيلي «القناة الثانية» عن تلك المصادر تأكيدها أن قوات من جيش الاحتلال كانت دخلت قبل ثلاثة أسابيع بهدف تنفيذ أعمال هندسية في ما يسمى منطقة «الحزام الأمني» الذي يمتد 300 متر داخل حدود قطاع غزة، مشيرة إلى أن الدبابة الاسرائيلية التي أصيبت بصاروخ «كورنيت» قبل ثلاثة أسابيع عملت في نطاق هذه المنطقة, وفي الأسبوع الأخير طرأ تدهور في الأوضاع الأمنية وتم إطلاق 30 صاروخا وقذيفة هاون باتجاه تجمعات الجنوب, والآن يتضح أن السبب لهذه المواجهة هو «الحزام الأمني» الذي ينشئه الاحتلال داخل أراضي قطاع غزة.
وأوضحت المصادر أن حركة حماس ترفض هذا الحزام ولا تعترف به على الأرض واعتبرت دخول الاحتلال لهذه المنطقة تسللا إلى مناطق خاضعة لسيطرتها وخرقا للتهدئة غير المعلنة بين الجانبين.
من جانبه، ادعى جيش الاحتلال أنه لا يستطيع التنازل عن العمل في هذه المنطقة لاعتبارات أمنية , وذلك لمنع المساس بقوات الاحتلال ومنع عمليات نقل سلاح, أو حفر أنفاق في المنطقة, لمنع مزيد من عمليات خطف الجنود, وذلك في سياق استخلاص العبر من عملية خطف جلعاد شاليط.
وفي مقابل ذلك قالت مصادر عسكرية اسرائيلية إن حركة حماس تواصل الاستعداد للمواجهة المحتملة وهي تتسلح بصواريخ بعيدة المدى وصواريخ مضادة للدروع وأخرى مضادة للطائرات.
وكان رئيس الأركان الاسرائيلي غابي أشكنازي كشف أن حركة حماس استهدفت مؤخرا دبابة إسرائيلية بصاروخ كورنيت على غرار الصواريخ التي استخدمتها المقاومة اللبنانية في حرب لبنان الثانية, وأن الصاروخ استطاع اختراق الدبابة،وهو ما يعد في نظره تطورا للقدرات القتالية للمقاومين الفلسطينيين. واعتبر أشكنازي أن «الواقع في غزة قد يصبح هشا وقابلا للانفجار، وليس لدينا ضمان بأنه لن يتدهور»، مهددا بشن هجمات على القطاع.
ونقل الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي عن أشكنازي قوله إنه في العام الحالي نفذ الفلسطينيون 112 هجوما على قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي زعم انه قتل ستين مقاوما فلسطينيا.
من جهته أوضح متان فلنائي نائب وزير الحرب الإسرائيلي أنه من المبكر الحديث عن حرب استنزاف على حدود قطاع غزة، لكن علامات تسخين تدريجية تشهدها الجبهة، مشيرا إلى أن نشر بطاريات صواريخ «القبة الحديدية» سيعتمد على تقديرات أمنية واضحة.
وكانت مصادر عسكرية إسرائيلية كشفت عن نشر كتيبة مدفعية على حدود قطاع غزة مجهزة بنظام لحمايتها من الصواريخ يسمى «معطف الريح».
واعتبر المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري أن تصريحات أشكنازي محاولة إسرائيلية لتبرير عدوانها على القطاع. وأكد أبو زهري أن الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول عن التصعيد الحالي، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته تجاه الإرهاب الإسرائيلي المنظم.
وشهدت الاسابيع الاخيرة تصعيدا اسرائيليا ملحوظا عبر شن غارات جوية شبه يومية وتوغلات وقصف مدفعي لمناطق مختلفة في القطاع .
وتشير المعطيات الى ان الغارات الجوية على القطاع زادت هذا الشهر عن 17 غارة اضافة الى القصف المدفعي ما اسفر عن استشهاد 14 مواطنا ومقاوما فلسطينيا نحو اربعين .
من جانبها، أكدت حركة حماس إن التزام التهدئة بالمرحلة الحالية مرهون بما يقوم به الاحتلال.
وقال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس خلال مؤتمر صحفي عقده في غزة، ان الهدوء من جانب القسام ليس ضعفا أو خوفا بل هو تقدير للموقف». وحذر «إذا أراد الاحتلال أن يختبر ردنا، فسيجد منا ردا قاسيا».
وأكدت جامعة الدول العربية أن التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة والأراضي المحتلة يدفع الأمور باتجاه الانفجار، وأن الجرائم الإسرائيلية تهدد السلام والأمن الدوليين.
وطالبت الجامعة بتدخل اللجنة الرباعية الدولية ومجلس الأمن الدولي، والولايات المتحدة لإرغام دولة الكيان على وقف عدوانها وإجراءاتها أحادية الجانب.