تاريخ الدبلوماسية الاميركية صاخب لكنه يثير السخرية .وفي منطقة الشرق الاوسط نجد هذه الدبلوماسية قبيحة، ليس لأن الدبلوماسيين الاميركيين لا يفهمون الشرق الاوسط وانما لأنهم غضوا نظرهم عن الظلم والقهر الذي تعاني منه شعوب المنطقة،
وحيث لا تزال الدبلوماسية الاميركية ترى في إسرائيل دعامتها الاساسية في الشرق الاوسط وهي تعمل جاهدة لتلبية مصالح إسرائيل، لذا فهي تشجع العرب للانضمام إلى التحالف الأميركي الإسرائيلي ضد إيران. وتتركز سياسة الولايات المتحدة على مدار عقود على الحاجة إلى ترويض الشعوب وسحق وقهر الدول وتدمير قوة ايران في نهاية المطاف.
ليس ثمة حديث حتى الآن على الاقل عن المستوطنات الاستعمارية اليهودية في الضفة الغربية ، أو عن «البؤر الاستيطانية» الإسرائيلية، او عن المستوطنين المتطرفين الذين يبنون منازلهم الآن على الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية بالاعتماد على سرقة الأراضي التي تقع في قلب الحرب بين اسرائيل والفلسطينيين. وبشكل لا يصدق ، يتذ لل الدبلوماسيون الاميركيون –والكثير منهم من انصار إسرائيل -ويركعون أمام مطالب إسرائيل التي يمليها عليهم وكلاء رؤساء الموساد والاستخبارات العسكرية الاسرائيلية.
هناك لحظة رائعة عندما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخاطب وفداً من الكونغرس الامريكى في 28 أيار من العام الماضي قائلاً :«يجب ان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح ، دون أن يكون لها سيطرة على فضائها أو حقلها الكهربائي المغناطيسي ، ودون ان تكون لها القدرة على الدخول في معاهدات أو السيطرة على حدودها». ولم ينبت على ما يبدو أي عضو في الوفد الاميركي ببنت شفة . فنتنياهو يريد دولة فلسطينية غير قابلة للحياة .
في عام 1982 ، قال ياسر عرفات إنه سيقطع ذراع إسرائيل اليسرى عقب غزوها للبنان ، ثم قال رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن إنه سيقطع ذراع عرفات اليمين.
يكثر ذكر الافاعي في وئائق يكيليكس. وعلى سبيل المثال يسمي الدبلوماسيون الأميركيون المتقدمين غير المناسبين للحصول على تأشيرات دخول للولايات المتحدة ب«أفاعي التأشيرة».
وعلى مدى عقود ، يهدد المستبدون بقطع رؤوس الأفاعي والثعابين والفئران والحشرات الإيرانية ، في حين أن القادة الإسرائيليين يطلقون على الفلسطينيين اسم «الصراصير» (رفائيل ايتان) و «التماسيح» (ايهود باراك) و «الوحوش بثلاثة أرجل» (مناحيم بيغن).
وكان الصحافي الفلسطيني الرائع مروان بشارة على حق عندما قال في مطلع الاسبوع الماضي: إن هذه الأوراق الدبلوماسية الاميركية كانت مهمة اكثر لعلماء الأنثروبولوجيا أكثر من أهميتها لعلماء السياسة ،حيث للأميركيين طريقة منحرفة للتفكير في الشرق الأوسط، تشير الى ان الخارجية الاميركية لا تزال تسيطر عليها مفاهيم الحرب العالمية الثانية .
أحببت تقريراً مذهلاً لزائر الى السفارة الاميركية في انقرة والذي اخبر الدبلوماسيين ان المرشد الأعلى الإيرانى علي خامنئي كان يحتضر من سرطان الدم. بالطبع ليس لأنه ضحية سرطان بل لأن الولايات المتحدة تروج قصصاً كلها هراء منذ سنوات عديدة عن زعماء الشرق الأوسط المتمردين على سياساتها. أتذكر تلك الأيام عندما كانت المصادر الدبلوماسية الاميركية أو البريطانية تصر على أن القذافي كان يحتضر من مرض السرطان ، وأن الخميني كان يحتضر من السرطان (قبل وقت طويل من وفاته) بل إن الخميني كان ميتا بالفعل من السرطان - ، قبل وقت طويل من وفاته وأن الفلسطيني أبو نضال يحتضر من مرض السرطان قبل اغتياله ب 20 عاماً. حتى في ايرلندا الشمالية ، قيل إن الزعيم البروتستانتي وليم كريغ الطليعي كان يحتضر من مرض السرطان. وبطبيعة الحال ، كانوا يروجون لأكاذيبهم .
وكشفت احدى وثائق ويكيليكس عن لقاء بين الرئيس السوري بشار الاسد ووفد من اعضاء من الكونغرس الاميركي -وهذا ما تجاهلته الصحف الاميركية - قال الاسد فيه إن سورية تريد أن تعرف متى ستتبنى الولايات المتحدة الأميركية نهجاً جديداً تجاه الإرهاب، مضيفاً أن السؤال لا يتعلق بمدى قدرة أميركا على التدمير، بل بقدرتها على المباشرة في حوارات جادة .وقال الاسد: ينبغي على سورية وأميركا العمل معا للقضاء على أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، والسعي لمصالح مشتركة في عراق مستقر، والعمل لأجل السلام ومكافحة الإرهاب وخلص للقول إن ايران كان البلد الأكثر أهمية في المنطقة ، تليها تركيا وبعدها سورية نفسها. لكن إسرائيل لم تحصل على مكان في التشكيلة.
بالطبع الرئيس الافغاني حامد كرزاي والذي يقوده جنون العظمة مثل الكثيرين في افغانستان بما في ذلك الولايات المتحدة وحلف الناتو يتظاهرون امام شعوبهم بانهم قضوا على الإرهابيين. بالطبع ، علينا ألا نكون ساخرين جداً عندما نقرأ التقرير الدبلوماسي الأميركي (من القاهرة ، بالطبع ، وليس من تل أبيب) الذي يقول أن نتنياهو كان أنيقاً وجذاباً، لكنه لم يف بوعوده.
ثم نأتي الى اللقاء بين مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية والعسكرية أندرو شابيرو مع الاسرائيليين قبل عام تقريبا . واعترف الموساد أن اسرائيل غير قادرة على حماية طائراتها من طراز سيسنا كارافان وطائرات بدون طيار فوق جنوب لبنان .وقيل إن لبنان هو ساحة عسكرية مضطربة وهو عرضة للتأثيرات الخارجية السورية والايرانية والسعودية. وبالطبع لم يذكر رئيس جهاز الموساد النفوذ الأميركي والإسرائيلي والنفوذ الفرنسي و البريطاني و التركي.
هناك إنكار لتقرير غولدستون للفظائع التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة عامي 2008-02009 من قبل الجنرال عاموس جلعاد الذي يقول إن انتقاد الوثيقة لإسرائيل غير صحيح، لأن الجيش الإسرائيلي قام ب 300000 مكالمة هاتفية للمنازل في قطاع غزة قبل الضربات لتقليل الضحايا من المدنيين. ويبدو ان شابيرو اكتفى بالصمت . أي ان إسرائيل هاتفت خمس الشعب الفلسطيني بأكمله في غزة من الأطفال والرضع وجميع الفئات العمرية ومع ذلك قتلت 1300 فلسطيني ، معظمهم من المدنيين . الا أن إسرائيل لم تنتصر ولم تستطع العثور على الجندي المفقود في أنفاق غزة.
موضوع: من الشيطان الاكبر 
الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 9:29 pm
(5).jpg)
