تحية طرطوسية و بعد ...
في زمن تعالت فيه أصوات الرصاص على أصوات الحياة مدّعية الإصلاح , و في وطن تعبنا كثيراً لأجله , و في بناء مداميك عزّه و رفعته ..
لا يهون علينا أن تستباح أي منطقة أو جزء من جغرافيته هدراً .. أو إهمالاً .. أو تقصيراً ..
في زمن العمل و للاعودة إلى البيروقراطية .. جئنا إليكم محاورين بلغة العقل و المنطق .. فهل من طريق لحوارنا إليكم ؟..
سيدي المحافظ :
كانت منبهات الصوت لمقام موكبكم العظيم تسبقكم إلى أحلام الناس .. كل الناس في الأرياف و الوحدات الإدارية و التجمعات التي زرتموها بغية الوقوف و الإطلاع على واقعها و النهوض به .. إلا أن أفراح الناس ما لبثت أن تحولت إلى إحباط يتلوه إحباط كونهم اعتبروا أن الزيارات كانت استعراضية .. أو بمعنى آخر (تنفيسية) بالمصطلح الحالي للعبارات ..
فلا مشاكل الوحدات الإدارية .. حُلّت ..
و لا مكبات القمامة أزيلت ..
و لا المخططات التنظيمية عُدّلت ..
و لا اللجنة الإقليمية اجتمعت ..
و لا محطات الوقود الضالعة في التهريب قُمعت ..
و لا المياه الملوثة .. عقمت ..
و لا قوافل الخريجين الجامعيين في اختصاصها عُيّنت ..
و لا البلدية بين نفسها على التمدد الشاقولي أو الأفقي للبناء اتفقت ..
و لا جمعياتها السكنية على العقارات حصلت ..
و لا وحداتها الإدارية بسيارات إطفاء أو قمامة زودت ..
و توصيات التحقيقات الدقيقة لهيئة الرقابة و التفتيش بحق المفسدين كما في إحدى البلديات .. طويت ..
فقط أحلام الفقراء في مدينتنا رفست .. و ربطة الخبز في وزنها نقصت .. و ثروتنا السمكية من صيدها الجائر نفدت .. و طرقاتنا بالحفر تكللت ..
و القمامة على الطرق العامة انتشرت .. و الحيتان الإدارية في شوارعنا (تمخترت) ..
سيدي المحافظ :
في عهدكم الميمون .. لم تلفت انتباهنا مشاريع البناء و النهضة .. و لكن بكل أسف .. أتعبنا النظر إلى واقع عائلات فلاحية في سهل عكار كيف منازلهم باسم القانون هُدمت ..
في عهدكم الميمون .. يؤلمنا أن نرى أبناء المحافظة المشهود لهم بأخلاقهم و حسن السيرة محيدين عن أعمالهم بذرائع شتى , كمدير محروقاتها الذي لعدم امتثاله لضغوطات أصحاب محاطات الوقود الراغبة في التهريب .. أوراقه عند مقامكم حُرقت ..
في طرطوسنا فقط .. السكن الشبابي سيبقى حلماً ..
في طرطوسنا فقط .. الجمعيات السكنية تتباهى بأعداد المترادفين للحصول على صك الإنتساب لقوائم الحالمين بالمسكن .. بينما أرض الواقع عن أنوفهم بعيدة ..
في طرطوسنا فقط عدد مكبات القمامة يضاهي الأماكن السياحية عدداً و مساحةً و موقعاً ..
في طرطوسنا فقط قبّان الطرق المركزية أهم من طرقها .. و القائمون عليها و كأنهم في غفلة عن واقع الطرق .. بينما القبّان الذي قال عنه الكثيرون أن أصبح كالبقرة الحلوب .. للاستثمارات غير المشروعة ..
في طرطوسنا تفاخرنا كثيراً بالإنجاز العظيم للكورنيش البحري .. و ها نحن الآن نبكي سوء الاستثمار و الإهمال ..
في طرطوسنا .. عدد المتسولين يضاهي عدد رجال المرور على الاشارات و المفارق الطرطوسية ..
في طرطوسنا .. المياه السطحية و الجوفية بشهادات أهل الإختصاص ملوثة .. و غير صالحة في بعضها حتى للري و الزراعة .. و كنّا قد أعددنا تقرير مفصل في مجلتنا ذات مرة . و لم نسمع عن اهتمامكم بذلك
في طرطوسنا .. و بعفوية الحب و الولاء للوطن و القائد احتشد الجميع على كورنيشها ليباركوا مسيرة الإصلاح التي يقودها سيد الوطن .. و لسان حالهم يقول سيادة الرئيس : شكراً جزيلاً ..
و هم أنفسهم يرددون ما ذكرنا سابقاً .. حيث بحت أصواتهم المطلبية .. و ملّ انتظارهم و انتظارنا ..
و لأن سلاحنا القلم .. سنبقى نقاوم بيراعنا لنحمي ساحات الحوار و سنطلق رصاص الكلمات في وجه كل فاسدِ أو مفسد .. لذلك نأمل لصدرك الرحب .. الاستيعاب و الإجابة ..
بقلم علي نفنوف - نقلاً عن مجلة عمريت العدد /56/ .