لا شك في أن رسالة أوباما إلى الأسد بالسير بالانتقال بالإصلاحات السياسية أو الرحيل هي إساءة لكرامة كل سوري شريف و تدخل سافر و حقير بشؤون دولة لها سيادتها و حضارتها، التي تسبق حضارة ذلك الأمريكي الضائع ما بين أصله الإفريقي و عبوديته الجديدة للصهاينة الجدد الذين أوصلوه كواجهة و سمعه لتمثال حريتهم الذي يقوم اليوم على عظام و دماء من قتلوهم في العراق و أفغانستان و من يقتلوهم في ليبيا اليوم، و كأن الرئيس الأسد أصبح رئيسا بفضل أصوات الأمريكيين أو بفضل اللوبي الصهيوني الذي أوصل أوباما أو أنه كحسني مبارك لا سمح الله يعيش على مساعدات و فتات الأمريكيين، على كل الأحوال هذه الدعوة إن دلت فتدل على حكم قانون الغابة التي تتعامل به الولايات المتحدة الأمريكية مكان قانون العلاقات الدولية.
و للمصادفة فإن أوباما و ساركوزي يلتقيان بنقاط تشابه كثيرة غير التي توحدهما اليوم في ضرب استقرار سورية من أجل الخنوع لإسرائيل فتاريخ الرجلين من انجازات لبلديهما حكم على كل منهما بالاتي:
جميع الوعود التي قطعها أوباما بإغلاق سجن عوانتانمو و الخروج من العراق و أفغانستان و وقف الاستيطان في القدس الشريف و هو اليوم على عتبة نهاية ولايته لم يتحقق من وعودة الشيء الكثير، و حتى على المستوى الداخلي جميع وعوده بالإصلاحات الاقتصادية من خفض نسبة العاطلين عن العمل و غير ذلك لم يتحقق منها شيء، فعلى العكس زادت كل تلك الأزمات هذا إن لم نقل أن الاقتصاد الأمريكي ما زال مهددا و لم يتعافى من أزمة العقارات، و لعل الايجابية الوحيدة بنظر كل الأمريكيين هي في مقتل بن لادن، هذا إن افترضنا جدلاً أنهم هم من قتلوا بن لادن، مع ميلنا لنظرية معرفتهم بمرض و موت الرجل الأكيد منذ زمن لكن جاءت فرصة فبركة عملية قتل بن لادن لأهداف انتخابية.
أما بالنسبة لصديقة الذي يقبع على الطرف الثاني من جهة الأطلسي الرئيس الفرنسي ساركوزي، فليس موقعة بين الفرنسيين أحسن بل يفوقه بمئات المرات سوءاً بحصيلة الانجازات الشعبية، هذا مع اعترافنا بأن أوباما يتمتع بشعبية أكثر من ساركوزي، فالأخير بنظر الفرنسيين و هذا بحسب استطلاعات آراء الفرنسيين و التي نشرتها الصحف و الإذاعات هو أسوء رئيس فرنسي في ظل الجمهورية الخامسة، حيث بين الاستطلاع أن أغلبية الفرنسيين لا يؤيدونه كرئيس في انتخابات السنة القادمة، و بالتالي رأينا كيف أراد ساركوزي أن يوجه أنظار الفرنسيين عن سياساته الداخلية الفاشلة من خفض لإعداد البطالة و رفع مستوى القدرة الشرائية بحربه على ليبيا من أجل أبار النفط الثمينة، فالنفط الليبي الذائع الصيت إضافة إلى قربة من شواطئ مرسيليا الفرنسية أثار لعاب الفرنسيين و رئيسهم المعروف بإنتهازيته.
ساركوزي في هذا الوضع المزري مع شبيهه بنفس الوضع هما بحاجة إلى دعم اللوبي الصهيوني العالمي، و يخطئ من يظن بأن اللوبي اليهودي موجود فقط في امريكا، فيكفي أن نعرف إضافة إلى أصول ساركوزي اليهودية أن اللوبي اليهودي الفرنسي يسيطر سيطرة تامة على الإعلام الفرنسي و الدليل يكفي أن نتمعن بأسماء من يدير الإعلام في فرنسا لنعرف من أسمائهم بأنهم يهود لا بل حتى مديري و أصحاب كبريات الشركات في فرنسا أيضا يهود، و بالتالي أمام ساركوزي و أوباما فرصة لكسب هذا اللوبي اليهودي الصهيوني القوي في كلا البلدين لانتخاباتهم المقبلة طبعا عن طريق تدمير سورية خدمة لأسيادهم في إسرائيل.
و يكفي بأن نقول بأنه و باعتراف العدو قبل الصديق بأن الشعبية الكاسحة التي يتمتع بها الرئيس الأسد و المسيرات المليونية التي شهدتها سورية دليل قاطع إضافة للدعم اللامحدود من قبل الجيش و المؤسسات السياسية و الدينية و المدنية و الاقتصادية و أيضا الأحزاب و المغتربين و غير ذلك، بل حتى من كل شرفاء العالم يؤكد بأن ما من رئيس في العالم يتمتع بتأييد شعبه كالسيد الرئيس الأسد و هذا دليل قاطع بأن أوباما و ساركوزي سيرحلان كما رحل سلفيهما في الرئاسة و الأخلاق بوش و شيراك و يبقى الأسد.
و نهاية أود أن اختم ساخراً على العقوبات الفرنسية الأوربية بمنع بيع الأسلحة إلى سورية و كأن ساركوزي يغرقنا بأسلحته و هو الذي يرفض بيعنا منذ ثلاث سنوات ليس أسلحه و إنما طائرات مدنية بحجة العقوبات الأمريكية أما المهزلة الأمريكية المتمثلة بعقوبات على الرئيس بشار الأسد يكفي أن نتذكر أن الرئيس الأسد لم يزور أمريكا و لا توجد لديه أية أرصدة في أمريكا حتى نعرف مدى تأثيرها، و سيرة الرئيس المشرفة في لندن حتى قبل أن يصبح رئيسا يعرفها اللوبي اليهودي الصهيوني جيداً فلا وجود لأرصدة و لا غيرها.