كشفت وثيقة للسفارة الأميركية في تل أبيب أعدت في تشرين الثاني 2009 النقاب عن خشية جهاز الموساد الإسرائيلي من الحرب المقبلة مع «حزب الله». وأشارت إلى أن قادة الموساد أخبروا زملاءهم الأميركيين بأن «حزب الله» في الحرب المقبلة سيمطر إسرائيل بما بين 400 و600 صاروخ يوميا
وأن مئة منها سوف تسقط على تل أبيب. وشدد قادة الموساد على أن سيناريو الحرب المقبلة يقوم على قدرة «حزب الله» على إطلاق هذه الصواريخ لمدة شهرين.
ووفق الوثيقة المسربة عبر «ويكيليكس» والتي نشرتها «هآرتس» يوم أمس فإنه في تشرين الثاني 2009 وصل إلى إسرائيل ممثلون عن المؤسسة الأمنية الأميركية لإجراء مباحثات مع زملائهم الإسرائيليين في نطاق الحوار الاستراتيجي ضمن ما يعرف بـ«المجموعة السياسية - العسكرية المشتركة» (Joint Political Military Group). وقد ترأس الوفد الأميركي مسؤول كبير في الخارجية هو روبرت ماغي وقاد الوفد الإسرائيلي المدير العام لوزارة الدفاع حينها، بنحاس بوخريس.
وأرسلت السفارة الأميركية في تل أبيب في 18 تشرين الثاني 2009 أول برقية من أربع حلقات عن هذا اللقاء. وحسب البرقيات فإن المباحثات تناولت عدة مواضيع بينها المشروع النووي الإيراني، الوضع في العراق وفي قطاع غزة، العلاقات المصرية الإسرائيلية، العملية السلمية مع الفلسطينيين وصورة الحرب المقبلة مع «حزب الله». وفي الشأن الأخير تلقى الأميركيون تصورات مفصلة وحديثة من كبار قادة الجيش الإسرائيلي والموساد ووزارة الدفاع.
وجاء في إحدى البرقيات أن «الإسرائيليين زعموا أن هدف حزب الله في كل حرب مستقبلا هو إدارة هجوم مكثف ويومي، على أراضي إسرائيل كلها، بالصواريخ والمقذوفات القادرة على الوصول إلى تل أبيب». وأضافت البرقية أن ممثلي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية «شددوا على رغبة حزب الله في الثأر لاغتيال عماد مغنية» وعرضوا مثالا «المحاولات الفاشلة في أذربيجان ومصر» (وهي عمليات أفشلت بسبب التعاون بين الاستخبارات الإسرائيلية ونظيرتيها في الدولتين).
وقالت البرقية إن ضباط شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قالوا في المداولات إن تهريب الأسلحة من سوريا وإيران إلى «حزب الله»، «يشكل تحديا استراتيجيا لإسرائيل... ويضر بفرص تحقيق السلام». وتم التركيز في هذه المداولات على أساليب تهريب السلاح من إيران عبر تركيا إلى سوريا. وشدد الإسرائيليون أمام نظرائهم الأميركيين على أن «حزب الله» عاظم جدا من قوته بعد حرب لبنان الثانية: «لقد زادوا عدد الصواريخ المتطورة لديهم وكذلك زادوا مداها ومقدار دقتها».
وقدم ضباط الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تفاصيل عن ترسانة «حزب الله»: حوالى 20 ألف مقذوف (كاتيوشا وغراد حتى مدى 40 كيلومترا)، مئات من الصواريخ لمدى أبعد بقطر 220 ملمترا و302 ملمتر، عدة مئات من صواريخ فجر (330 مليمترا)، مئات من راجمات الصواريخ، صواريخ كتف ضد الطائرات من طرازي سام 7 وسام 14 وكذلك «عدة مئات من الصواريخ المتطورة الموجهة بالكابلات» وصواريخ ضد الدبابات.
وأشار الضباط الإسرائيليون إلى أن «حزب الله» يمتلك «عددا غير محدد من صواريخ أرض - بحر 802-C»، كالتي أصابت البارجة «حانيت» في حرب لبنان الثانية. كما أن لدى «حزب الله» عددا من الطائرات من دون طيار من صنع إيران وحوالى ألف عبوة ناسفة.
وقد سأل ماغي عن نوايا «حزب الله» فأجابه أحد ضباط الاستخبارات العسكرية بأن هذا الحزب «يستعد لمواجهة طويلة مع إسرائيل، يأمل فيها أن يطلق صليات مكثفة يوميا من الصواريخ». وذكر الضابط الإسرائيلي أنه في حرب العام 2006 «لم تتضرر تل أبيب حقا، لكن حزب الله في الحرب المقبلة سيحاول تغيير المعادلة وأن يضرب أيضا الحياة في تل أبيب».
وهنا تدخل ممثل الموساد وأوضح أن «حزب الله سيحاول ضمان قدرته على إطلاق صواريخ ومقذوفات حتى اليوم الأخير من الحرب، وتجنب حالة تنقصه فيها الذخائر». وأضاف أن «حزب الله سيحاول أن يطلق كل يوم 400-600 صاروخ، منها حوالى مئة على تل أبيب». وأن حزب الله «يسعى للمحافظة على قدراته هذه لمدة شهرين». وحسب كلامه فإن إسرائيل تنتظر أن تستمر الحرب المقبلة شهرين وأن تتعرض لما بين 24-36 ألف صاروخ، منها حوالى 6000 على تل أبيب.
وفي المداولات نشأ خلاف بين الأميركيين والإسرائيليين حول الجيش اللبناني. واشتكى الإسرائيليون من تزويد الأميركيين لهذا الجيش بسلاح يخشون من سقوطه بيد «حزب الله». وقال رئيس الطاقم السياسي - الأمني في وزارة الدفاع عاموس جلعاد إن «تعزيز الجيش اللبناني يضعف إسرائيل».
وذكرت «هآرتس» أنه رغم عدم ذكر ذلك في البرقية إلا أن المداولات جرت على خلفية ضبط لبنان لشبكات تجسس إسرائيلية. وأشارت إلى أن اعتقال هذه الشبكات تم بالاستعانة بأجهزة تنصت وتحديد مواقع حديثة قدمتها الولايات المتحدة للجيش اللبناني. من جانبهم ركز الأميركيون على أن دعم الجيش اللبناني يهدف إلى إبعاده عن «حزب الله». وشدد مساعد وزير الخارجية الأميركية أندرو شابيرو على أن «المساعدة لجيش لبنان هي وزن مضاد لحزب الله» وهذا ما اختلف جلعاد معه حيث قال إنه في الحرب المقبلة «إذا تعرض حزب الله لهجوم فإن الجيش اللبناني سيهب لمساعدته».