ماحصـــل مع بعض أهالي قرية المعوانة بطرطــــوس هو ماينطبــــق عليهـــــم مثــــال –الاستثناء-.
وفق قانون الاستصلاح الزراعي، كان من المفترض على مديرية زراعة طرطوس الاستيلاء على المساحة الزائدة عن سقف الملكية المحددة بقانون الإصلاح الزراعي،
حيث أوجبت المادة (18) من المرسوم التشريعي رقم 88 لعام 1963 على المالكين المشمولين بقانون الإصلاح الزراعي تنفيذ تنازلهم المستحق خلال مدة ستة أشهر من تاريخ تبليغهم وجوب تنفيذ هذا التنازل تحت طائلة الاستيلاء عليها، إلا أنه لم يتم تنفيذ هذا التنازل وتم إعطاء مهلة جديدة، التي انتهت بتاريخ 27/1/1973، ولكن مديرية زراعة طرطوس لم تنفذ الإجراء المطلوب منها في حينه، ولم يصدق محضر التنازل رقم 6 حتى عام /1998/، حيث وضعت إشارة ملكية الجمهورية العربية السورية على العقارات الزراعية والسكنية، ما أدى إلى الإجحاف بحقوق الفلاحين نتيجة كثرة البيوعات على تنازل المالك والمغارسات واستثمار الأراضي من قبل الفلاحين واضعي اليد.
علماً أنه في عام /1974/ أوقف قرار رئيس مجلس الوزراء رقم /5/د.س عمليات توزيع الأراضي، وبالتالي لم يعد يحق توزيع هذه المساحة على فلاحيها..
ماذا يفيدنا ذلك؟
وفق كتاب لاتحاد الفلاحين بطرطوس تم إرساله إلى الاتحاد العام رقم 80/ص، فإن قرار الاستيلاء الصادر عام 1997 يتضمن الاستيلاء على أرضي بعل سليخ حسب واقع التحديد والتحرير عام /1925/ ولم يلحظ أبداً التحولات والتطورات الكبيرة التي طرأت على هذه الأرض من حيث زراعتها بالأشجار المثمرة وإقامة المنازل ومشروعات الري فيها.
وأن قرار الاستيلاء الذي صدر عام /1997/ على تنازل المالك لم تقم الجهات الوصائية بتنفيذه في حينه بالرغم من أنه من المفترض صدوره في عام /1971/ ولكن لم يتم إلا بعد محضر وقع في عام 1998، الذي أضر ذلك بأربعمئة أسرة فلاحية في هذه القرية، حيث وضعت إشارة ملكية الجمهورية العربية السورية على عقاراتهم الزراعية والسكنية التي آلت بعقود بيع عادية ومستثمرة وعليها مغارسات من قبل البيع، فالاستيلاء على التنازل أدى إلى إضرار الفلاحين من مشترين ومغارسين.
ومن هنا يطالب كتاب لفرع حزب البعث بطرطوس برقم 429/4/ق.ط بضرورة استئناف عملية توزيع الأراضي المستولى عليها في قرى المحافظة المحددة في الجدول الوارد من مديرية زراعة طرطوس على الفلاحين المشترين والمستثمرين في قرية المعوانة ووفق وضع اليد أو على الورثة في حالة الوفاة.
وهنا لا بد من ذكر أن ممثلي الحزب والفلاحين تحفظا على محضر الاستيلاء وتنازل المالك مراعاة لأوضاع الفلاحين وبالتالي لا يجوز لوزارة الزراعة تجاهل هذا التحفظ، وثانياً أن قرار لجنة الاعتماد في المحافظة لعام 1997 نوه لضرورة عدم الاستيلاء على التنازل مراعاة لأوضاع الفلاحين، وكذلك فرع الحزب بطرطوس اقترح بكتابي استئناف توزيع الأراضي المستولى عليها على الفلاحين المشترين والمستثمرين في قرية المعوانة ووفق وضع اليد أو على الورثة في حال الوفاة ووفقاً لبحث اجتماعي للفلاحين واضعي اليد..
الزراعة والحجة..
مديرية زراعة طرطوس في ردها على الكتب الموجهة من القيادة القطرية واتحاد الفلاحين العام، ومحافظ طرطوس أكدت أنه بموجب كتاب وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي رقم 4205/م.د لعام 1998 المتعلق بالاستيلاء على تنازل المالك (ط.أ) بقرية المعوانة والذي اعتمد من اللجنة التنفيذية بمحضرها رقم 6 تاريخ 1998، الفقرة /14/منه، المتضمن تكليف مديرية الزراعة بإجراء بحث اجتماعي للفلاحين المشترين والمستثمرين بهدف توزيعها عليهم وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة في ضوء استئناف عمليات التوزيع مستقبلاً.
وتضيف المديرية أن اللجنة قامت بالذهاب إلى القرية عدة مرات من أجل إجراء البحث الاجتماعي للعقارات المستولى عليها وتأجيرها لمستحقي التأجير بحضور الجهات المعنية بالقرية والرابطة الفلاحية، ولم تتمكن من إجراء البحث الاجتماعي بسبب طلب الأهالي التريث بالتأجير حيث يريدون أن توزع عليهم هذه المساحات توزيعاً وتسجل على أسمائهم في قيود السجل العقاري، وبما أن القوانين والأنظمة النافذة لا تسمح بالتوزيع في الوقت الراهن لأنه متوقف بموجب التعميم رقم 5/د.س لعام 1974 الصادر عن رئيس مجلس الوزراء ما يتعذر علينا –مديرية زراعة طرطوس – إجراء البحث الاجتماعي حتى الوقت الراهن.. علماً أنه في عام /1998/ وجهت وزارة الزراعة كتابها /4205/م.د باعتماد محضر الاستيلاء على تنازل المالك، وكلفت مديرية الزراعة إجراء بحث اجتماعي للفلاحين المشترين والمستثمرين فعلاً للأرض بهدف توزيعها عليهم في ضوء استئناف عمليات التوزيع بموجب قرار المجلس الزراعي الأعلى رقم /1/ لعام 1992.
إذاً اليوم الحل القانوني الوحيد الذي تلجأ إليه مديرية زراعة طرطوس في ردها على كتب موجهة من محافظة طرطوس.. «يجب إجراء بحث اجتماعي للفلاحين المشترين والمستثمرين بالعقارات المستولى عليها وتنظيم عقود إيجار وإرسالها للوزارة من أجل تصديقها ريثما يتم استئناف عمليات التوزيع مستقبلاً»..
ما نتمسك به!!
ولكن ما الأسباب التي دفعت الفلاحين إلى رفض البحث الاجتماعي ؟
ما يتمسك به فلاحو طرطوس منذ /15/ عاماً هو كتاب وزارة الزراعة في عام 1998 إلى مديرية زراعة طرطوس وتبين فيه «لقد نظرت اللجنة التنفيذية بموجب محضرها رقم 6 تاريخ 12/7/1998 الفقرة 14 منه وقررت الموافقة على اعتماد محضر الاستيلاء على تنازل المالك المذكور وتكليف مديريتكم بإجراء بحث اجتماعي للفلاحين المشترين والمستثمرين فعلاً، بهدف توزيعها عليهم وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة وفي ضوء استئناف عمليات التوزيع بموجب قرار المجلس الزراعي الأعلى رقم 1 لعام 1992..للاطلاع والعمل على تنفيذ قرار اللجنة التنفيذية المشار إليه وفق الأصول»..
أما قرار المجلس الزراعي الأعلى رقم /1/ لعام 1991 فقد قرر: 1- توزيع أو تأجير أراضي الاستيلاء في ضوء واقعها ومساحتها بما ينسجم مع القوانين والأنظمة النافذة ويحقق المصلحة العامة.
2- يتم تأجير أراضي أملاك الدولة وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة.
3- تعطى الأفضلية في عمليات توزيع أو تأجير أراضي الاستيلاء وأملاك الدولة للفنيين الزراعيين وغيرهم من الخريجين الجامعيين غير العاملين في الدولة..
الحلول ليست مستحيلة..
إذاً نجد أمام مديرية الزراعة جواباً واضحاً بإقامة البحث لتحديد الأسماء، ومن ثم لتطبيق قرار المجلس الزراعي الأعلى بالتوزيع.. ولاسيما أن المشكلة العالقة جاءت نتيجة قرارات الاستيلاء المتأخرة ونتيجة عدم معالجتها في حينه، وبالتالي لابد من احترام جميع الجهات الوصائية لعمليات الشراء والاستثمار ووضع اليد والاستصلاح التي قام بها الفلاح وبالنتيجة تثبيته في أرضه التي يعيش فيها ومنها.