كثيراً ما يراجع المريض الطبيب حاملاً معه ظرفاً يحتوي على الصور الشعاعية التي أجراها بناءً على طلبه طالباً من الطبيب معاينة الصور وتشخيص المرض متناسياً أنه هو المريض وليس الصور معتقداً أن الصور سوف تقدم الأجوبة للطبيب وبالتالي الحلول لمشكلته.
وحتى لا نجحف بحق مرضانا فهذا السلوك يمارسه عدد غير قليل من أطبائنا (وياللأسف) حتى الاختصاصيين منهم عندما يراجع مريض بشكوى من ألم قطني أو رقبي فالطبيب من خلف المكتب يناوله طلب الصورة ويقول له راجعني مع الصورة دون أن يكلف نفسه عناء إجراء فحص سريري للمريض قد يكون أكثر أهمية وفائدة للطبيب والمريض معاً من صورة قد لا تقدم سوى الضرر للمريض وربما تدفع الطبيب لإجراء مداخلات قد لا يكون لها علاقة بشكوى المريض.
والأخطر من ذلك نراه عندما يقوم شخص بزيارة قريب له يعمل بمشفى حكومي فيقوم الأخير بواجب الضيافة تجاه القريب وطبعاً لن يقدم له الشاي والقهوة لأن ذلك ممنوع فعلى الأقل صورة أشعة.
وهذا يقودنا للسؤال المهم: متى يجب أن تطلب الصور الشعاعية للعمود الفقري؟
تحديداً في ألم أسفل الظهر إذا علمنا أن 85٪ من المرضى لديهم ألم غير نوعي أي إنه لا يشكل خطورة على المريض وغالباً لا يحتاج لأي استقصاء نعلم أن عدداً قليلاً من المرضى يحتاجون للصور الشعاعية.
يجب أن نعلم أن احتمال أن يكون السرطان هو السبب في ألم أسفل الظهر لا يتجاوز 0.7٪ من مرضى ألم أسفل الظهر، الانضغاط (الديسك) لا يتجاوز 4٪، انتان بالفقرات 0.01٪.
حسب توصيات الجمعية الأميركية لألم أسفل الظهر فإن الأعراض التي تدفع الطبيب للاستقصاء (أي لطلب الصور الشعاعية) هي:
1- عدم تحسن الأعراض السريرية بعد شهر.
2- نقص وزن غير مفسر.
3- عمر المريض أكثر من 50 سنة.
4- قصة سابقة لورم أو انتان.
وحسب توصيات نفس الجمعية فإنه لا يوجد دليل على أن الإجراء الروتيني للصور الشعاعية حتى البسيطة منها لمرضى ألم أسفل الظهر يحسن النتائج النهائية للمرضى.
لذلك يجب تجنب التعرض غير الضروري للأشعة المؤذية وخصوصاً عند الشابات فإذا علمنا أن كمية تشعيع الأقناد (المبايض) الناجمة عن صورة عمود قطني بالوضعين تعادل كمية الأشعة الناجمة عن التعرض لصورة صدر يومياً لمدة عام نعلم ما هو حجم الضرر الناجم عن هذه الصورة.
لذلك أرى من الضروري الإضاءة على بعض النقاط المهمة بهذا الموضوع وتقديم بعض النصائح.
1- يجب على الطبيب التركيز على القصة المرضية والفحص السريري.
2- 85٪ من مرضى ألم أسفل الظهر ليسوا بحاجة لتصوير شعاعي.
3- لا يوجد دليل علمي على أن الصور المتقدمة (المرنان المغناطيسي، الطبقي المحوري) تترافق بتحسن النتائج لدى المرضى.
4- يجب أن تجري الصور فقط عندما يكون هناك عجز عصبي شديد أو مترق أو الشك بوجود سبب خفي وراء المشكلة اعتماداً على القصة والفحص.
5- وأخيراً النصيحة المهمة للتدبير الذاتي لمريض ألم أسفل الظهر غير النوعي هي الاستمرار بالنشاط وهذا يكون أكثر فعالية من الراحة بالسرير.
6- إذا احتاج المريض لفترات راحة في السرير لتخفيف الألم الشديد يجب تشجيعه للعودة إلى النشاط الطبيعي حالما أمكن.
7- تقوية عضلات العمود الفقري بالعلاج الفيزيائي (الرياضة) أساسية للوقاية من حدوث الألم القطني وبالتالي فتق النواة اللبية (الديسك).