أدهشتني سيدة في الستينات من عمرها بردها على سؤالي كم حفيد أصبح لديك، وكنت قد علمت أنها زوجت ابنها منذ عشرة أعوام فأجابتني على الفور ولدان وهذا يكفي بل وزيادة
ثم استطردت قائلة فيما مضى كان متوسط عدد أفراد الأسرة لا يقل عن ستة أشخاص، ولكن كل شيء كان أسهل وأيسر إذ لا أعباء إضافية على الوالدين، فالطعام والشراب من المتوفر بشكل دائم لدى جميع الأسر مثل الرز والبرغل والعدس والجبن واللبن وغير ذلك من المواد الغذائية الصحية والبسيطة.
أما اللباس فلا حرج من ارتداء ملابس الأخ الأكبر من قبل الأصغر إذا لم يعد قياسها يصلح له.
هذا بالإضافة إلى أن الأخ الأكبر كانت تقع عليه مسؤولية الاهتمام بأُخوته الذين يصغروه سناً فيعلمهم ويلاعبهم ويصطحبهم معه إلى المدرسة ويهتم بجميع شؤونهم.
أما الآن فقد تغير كل شيء وأصبح أكثر تعقيداً فولدان فقط باتا يشكلان عبئاً على والديهما لا ينتهي فهذا يريد أن يأكل اليوم بيتزا وذاك يحب البروستد وغداً يريدان أكلات أخرى ما أنزل الله بها من سلطان ولا تمت إلى الصحة بأي صلة.
أما اللباس فحدث ولا حرج حيث لم تكن معرفتهم بأسماء الماركات لا على البال ولا على الخاطر وفجأة أصبحوا يشترطون بل ويحصرون المحلات التي يرغبون الشراء منها من الجاكيت وحتى بوط الرياضة الذي عرفت حديثاً أن هناك نوعية يبلغ ثمن البوط أربعة آلاف ليرة؟!.
أما الروابط الأسرية واهتمام الأخوة ببعضهم فهذا أكثر شيء بتنا نفتقد له فإذا تحدث الأصغر مع الأكبر وكان الأخير يتابع مباراة أو لعبة على الكومبيوتر فيا ويلتاه وإذا ما طلب منه مساعدة ما في حل مسألة يمكن أن نسمع صوت شجارهم إلى أسفل البناء كي يفهمه ألا علاقة له به وطبعاً تتدخل الأم المسكينة في كل مرة بحيرة وارتباك كي تحل الشجار وتفك العراك بين «الظالم والمظلوم» وبعد بحث وتمحيص لا ترى بدا من استدعاء مدرس لإعطاء ابنها درساً خصوصياً يزيد في أعباء الأسرة المادية.
إما إذا كان هناك مشروع نزهة فتضطر الأم للجلوس ما بين ولديها كي لا تلفت الجدالات الحادة نظر الموجودين مكان التنزه.
وأخيراً تضيف الجدة قائلة: الله يرحم أيام زمان كانت كلمة بدي غير معروفة بقاموس الأولاد وعلى عكس أبناء اليوم حيث يكاد يقتصر حديثهم مع والديهم على الطلبات وضرورة تأمينها بأسرع ما يمكن واللوم والعتاب في حال التأخر في التنفيذ، بل وتخطي مرحلة الكلام إلى التعبير عن الامتعاض بالأفعال من خلال طرق الأبواب وتكسير بعض الأواني الزجاجية واصطناع المشكلات ما يضطر الأم للرضوخ إلى كافة طلباتهم طبعاً تحت الضغط والإكراه.